روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم دهب عطية

 

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الخامس والعشرون

رواية غمرة عشقك البارت الخامس والعشرون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الخامسة والعشرون

كانت تهرول زينب وهي تنزل على سلالم البنية واخيها (عارف) خلفها يهرول بفزع وهو يضرب كف باخر سال اخته بهلع…..
“انتي متاكده من اللي سمعتي دا يازينب….. سمر في المستشفى…. عملت حادثة ازاي… دا احنا كنا لسه
مكلمنها من ساعة……”
ضربت زينب على صدرها بقوة وهي تلوم نفسها
وهي تبكي وترتجف بعنف خوفاً على ابنتها……
“كُنت حسه…. كُنت حسه ياعارف… بقالها شهر
بترد على مكالمتنا بالعافيه وصوتها مكنش مريحني……. كانت بتكدب عليا بتكدب زي كل مره…. قلبي كان حاسس…… حتى اللي كلمني في التلفون مطمنيش انا خايفه يكون جرالها حاجة…. الرحمة يارب الرحمة…… آآه يابنتي آآه……..” ضربت على صدرها بقوة وكانها تحاول أحياه فهي تشعر انه ينقبض بقوة ويثقل بوجع يجعلها تاخذ النفس بصعوبة……
ربت عارف عليها باسى….
“طولي بالك يا زينب خير…. خير ان شاءلله بس همي نلحق نروحلها……. واتصلي باحمد يحصلنا…..”
رفعت هاتفها الصغير واجرت اتصال بابنها وهي تسير في الشارع برفقة اخيها……. فتح الخط فصاحت وهي تبكي……
“ايوا يا احمد…. اختك عملت حادثة… اتصلوا بي من مستشفة(……)” سكتت لبرهة ثم تابعت مجدداً
وهي تبكي…..
“معرفش يا أحمد محدش طمني… حصلنا على هناك انا راحه انا وخالك…….. بسرعة يا أحمد…..”
اغلقت الخط فسال عارف وهو يسير بجوارها….
“قولتيلو يحصلنا…..”

 

 

وصلا لشارع الرئيسي حيثُ سيارات الاجرة….. اجابته زينب وهي تمسح دموعها بوشاحها…
“ايوا قولتله……… ياقلب امه قلب وقع في رجليه وانا بقوله……. انا مش عارفه بس النصايب دي كلها كانت مستخبيالي فين……..” تابعت بحسرة…
“عمر رجلينا ما خطت المستشفى غير للشديد
القوي دلوقتي بقيت راحه جايه عليها وعلى مين على العيلين اللي محلتيش غيرهم…. لطفك بينا يارب والله غلابة لا عمرنا اذينا ولا افترينا على حد… الطف بينا يارب وحفظلي ولادي دانا محلتيش غيرهم…”
مسحت دموعها بحسرة مجدداً..
رفعت زينب راسها فوجدت دراجة بخارية تقترب منهم او كانت تقترب من الشارع اللذين خارجا
منه…. انتبهت زينب اكثر لمن يقودها وكما توقعت ابراهيم راضي…….
اشاحت بوجهها بحرج وهي تمسك يد اخيها وتتحرك
للناحية الأخرى كي تعبر الدراجة ويتابعون
سيرهما لسيارات الاجرة الكبيرة…..
أنتبه ابراهيم اليهم فتباطأ بدراجة حتى اوقفها امامهم وظل المحرك مصدر صوتٍ مزعجاً….
سلم عليهم ابراهيم بالباقة من باب
الذوق……
“إزيك يام أحمد…….. ازيك ياعم عارف……..”
رد عليه عارف بهدوء وهو يشعر ببعض الحرج منه……
“الحمدلله يابني….. حمد الله على سلامتك…..”
وزع ابراهيم انظاره عليهم بترتيب ورد عليه
بهدوء….
“الله يسلامك ياعم عارف….. مالك يامي في حاجة مضيقاكي……. بتعيطي ليه…….”
شعرت زينب بوخزة بقلبها بعد نداء ابراهيم ولقب( امي) الذي تعود على لفظه بها من يوم
ان خطب ابنتها تدفقت الذكريات لراسها فنكست راسها بحرج وحسرة وتجمعت الدموع في مقلتيها اكثر من السابق…….
اوقف ابراهيم محرك الدراجة ونزل من عليها وهو يتقدم منها بطوله الفارع وضخامة حجمه الذي
اصبح صلب بطريقة متعبه بعد ان اصبح يأكل
كلما تذكر او كلما شعر بدوار…….. ياكل القليل
كي يقدر على التحرك ومتابعة مشروعه الجديد الذي مزال يرتب فيه طوال هذا الشهر ويحتاج للاكثر
كي يقف هذا المشروع ويتم تشغيل المكن والعمال كما يتمنى…..
فأصبح في حلبة مصارعه يعمل ليلاً ونهاراً محاولاً بكل الطرق الانشغال عنها بتفكير بنسيان حبها
…. جرحها….. عينيها…. ضحكاتها….. بنسيان سمر…. وهل سمر تُنسى؟…….
الفكرة انهُ كلما فكر بنسيان وجودها ذكر نفسه اكثر بوجودها !…. وتلك معاضلة من التيه تسير بها بداخل حلقة من النيران مغمض العينان ضائع بافكارك ولا تدرك انك تحترق كلما مر الوقت وانت تتناسى أمرك في تلك الحلقة المشتعلة……..
وضع ابراهيم كفه على كتف زينب وهو يسألها بقلق……
“قوليلي يامي مالك…. انتي تعبانه……. في حاجه حصلت لعيالك……” ربما يود ان يسال عنها خصيصاً ولكن حتى السؤال سيجرح كرامته بينه وبين حالة قبل الجميع…….
رفعت زينب عينيها الحمراء على عينا ابراهيم وهي تخبره بين انتحابها القوي…..
“سمر يا ابراهيم……”

 

 

استشعر بسقوط قلبه من أعلى أعلى الجبل متهشماً وشعر بالالم وهو متسمر مكانه بقلق مرعب….. ثم برهة واثنين من الصمت وسأل حينما راى زينب تصمت وتبكي وهي تنظر له ثم لاخيها……
“مالها……… مالها سمر…….”
ردت زينب بوجها مبلل بدموع….
“عملت حادثة….. اتصالوا بيا من مستشفة
(…..)….بس مطمنونيش عليها….. ”
لكزها اخيها وهو يجرها من ذراعها بحنق…
“يلا يا زينب….. اتاخرنا عليها…….” أشار عارف لأحد
السيارات ولكن السيارة كانت محملة ظل واقف
برفقة اخته بانتظار سيارة تقلهم للمشفى….
وكان الصمت مخيم عليه وكانه جمد مكانه وكان انفاسه توقفت فجأه بدون سابق انظار وكانه اوشك على الذهاب بلا رجعه لعالم مريح برفقة الاموات يحتضر……..
حادث؟!….
اي حادث هل حدث لها شيءٍ….. هل تتألم…. وخزة قويه شقت قلبه فوضع يده مكان الالم وهو يشعر
بوحشة الرعب تفترس صدره وخوة الحياة من حوله وكان العالم انتهى وهو واقف بمكانه يستوعب خبر
الحادث……..
اي حادث؟!
انتِ لن تفرقيني بتلك القسوة……..يكفي قسوتكِ في إلقاء نفسك في أحضان الغول هل هل…..
هل تعترض…..لا هي بخير لن تضع تلك النهاية بيننا
ساتحمل وجودها معه سأتحمل اي شيء موجع
إلا هذا الوجع…………لن احتمل……
فيكفي ان أصبر نفسي انكِ معي بانفاسك بخفقات قلبك وحتى ان كانا عن بعد كبير بيننا يكفي
ان اسمع عنكِ انكِ بخير و…..و موجوده…….

 

 

انتبه لوالدتها وخالها يدخلون احد سيارات الاجرة التي اخذتهم وانطلقت بهم سريعاً……
جر قدمه بصعوبة على الأرض وهو يركب الدراجة وينطلق بها بدون تفكير الى المشفى الذي عرفها فور
ان نطقت زينب إسمها……
كم حادث كان على وشك حدوثه وهو ينطلق بقوة
وسرعة بين السيارات والمارة….لا يعرف كم مرة كان سيدخل في سيارة هذا ويخبط أمرأه ذاك….الأمر
كله انه يقود وهو مشتت عقله يلوح بكل شيء متشأم في تلك الحياة وكذا سيناريو ماساوياً
الفه وهو يجري بدراجة على الطريق السريع
كم يشعر انه هو من سيموت قبل ان يذهب ليراها
لماذا كل هذا يحدث معه….انه لا يتحمل الالم
السابقة كي يزيد الأمر ويتحمل وجع جديد
لماذا قيد حبها يشدد عليه اكثر ان يبق ولا يبتعد ولو حتى بتفكيرة عنها لا يبتعد !……….
وصل للمشفى بعد مدة لا يعرف كم كانت ثقيلة عليه…….
حينما وصل وجد زينب وعارف قد سبقوا إياه بثوانٍ فقط وكانوا يقفون عند أحد ابواب العناية المركزة
يسألون الطبيب عن الشخصين المصابين
في حادثة السيارة على الطريق (….)…
تحدث الطبيب باسف وهو ينظر إليهم بشفقة…
“البقاء لله……”
وقف ابراهيم مكانه خلفهم عن بعد متر تقريباً وهو يعقد حاجبيه بعدم تصديق وتجمدت ملامحه برعب
وصلابة قاسية احتلت قلبه الذي كان يخفق بسرعه
بوتيرة متعبة وكانه كبوصلةٍ حدث بها خلل
فقاربت على الانفجار…..يشعر ان قلبه سينفجر كما كل شيءٍ به بات ينهار بتدريج وكانه بركان سيصدر الفيضان بعد ثوانٍ معدودة…..
ولولت زينب ولطمت على وجنتيها وهي تصرخ برعب وعدم تصديق…..
“بنتي ماتت…..بنتي ماتتت……لا…..لا…..سمر مامتتش….”
بكى عارف وهو ينظر للممر الفارغ بعدم تصديق…
حدثها الطبيب بصدمة وهو يحاول توضيح الامر أكثر….
“بنتك؟!….. اهدي يامدام…….. انا بكلمك على الشخص اللي كان معاها في العربية توفى من دقيقتين بس….
تقريباً اسمه ماهر المحمدي على حسب البطاقة اللي لقيناها معاه…….”
صاحت زينب بشراسة تشبه سمر حين تغضب….
“مايولع في ستين داهيه…….. انا بسألك عن بنتي… بنتي اللي كانت معاه في نفس العربية… جرالها
إيه…….”
تحدث الطبيب بهدوء جاد…..

 

 

“بنتك كمان حالتها خطيرة هي في العناية المركزة……… تحت الملاحظة…….”اشار الطبيب
على النافذة الزجاجية فتقدمت زينب تنظر بها لتجد ابنتها مستلقيه على الفراش الأبيض كجسد بلا روح
وكان جسدها هزيل بطريقة مؤلمة وكانها كانت منعزلة عن الحياة لفترة طويلة وهذا مؤكد ليس آثار الحادث؟!… كانت في ملكوت اخر…. راسها
ملفوفه باكملها بشاش طبي… والأنابيب الطبية موصلة بها من كل اتجاه وقناع التنفس يغطي
نصف وجهها تقريباً…….ووجهها شاحب ساكن…..كل مابها ساكن باستثناء الاجهزة الموصلة بها كي تبرز مؤشراتها الحيوية للاطباء لحظة بالحظة…….
بكت زينب اكثر وهي تلمس الزجاج بوجع ووهن وكانها تلمس ابنتها الساكنة امامها على الفراش بمنتهى الانهزام الموجع للقلب……
كان قد تقدم ابراهيم ووقف خلف امها وبطولة الفارع استطاع ان يلتقط نومتها على فراش المشفى ولمح
الانابيب والاجهزة الموصلة بها…لمح الشرسة اصبحت
اضعف من العصفور…….عصفور مكسور الجناح……
من كسر جناحك يا سمر……انا ام هو…… ام كلانا…..
اسبل عينيه وهو يبتعد عن المكان ولحق بطبيب كي يعرف منه اكثر عن حالتها الصحية….ربما الطبيب
اخبره بمنتهى الصراحة انها بغيبوبة وانها لا تستجيب للعلاج انها تود السكون والابتعاد لا تستجيب وكانها أحبت الموت وتناجي اياه
بضراوة………….احد الحالات النفسية المتعصرة
وبرغم ان الحادث قوي والاصطدام كان اقوى
الا انها نجت باعجوبة وقد خرجت باقل الخسائر
لكن الغيبوبه العائق هنا…….اذا خرجت منها سيكون الباقي سهلاً مع العلاج ستشفى……..
جلس على المقعد في الممر وانحنى بانهزام وضعف
وهو يشعر بالعجز…. الشعور الذي لا يفارقه منذ ان
دخل السجن….العجز وقلة الحيلة……لا يمتلك إلا
الدعاء لها…..الصلاة ودعاء سيلح في دعاءه كي تشفى وتنهض من نومتها تلك سيدعي وسيظل معها ولن يتركها حتى يطمئن عليها ويرى عينيها الحبيبتان
وهي تطلع عليه بهم……
سانتظر……… يبدوا اني تعلمت من الحب الصبر والانتظار………ولن اتعلم شيءٍ غيرهم ؟!…..
رفع الهاتف وبعد برهة اتى الرد وكان صوت عمار….
قال ابراهيم بنبرة ثقيلة مكتئبه…..
“عمار…….اسمعني……انا عايزك تتولى موضوع المشروع الفترة دي….حاول ترتب انت الحاجات النقصه فيه وانا هبقى اتابع معاك في التلفون…”
سأله عمار عبر الهاتف بقلق….

 

 

“في اي يابراهيم……..انت كويس……”
هز راسه وعيناه على غرفة العناية المغلقة
الممنوع دخولها….
“لا مش كويس عشان كده بقولك اتولى انت كل حاجة………”
توتر صوت عمار وزاد القلق……
“طب احكيلي في إيه……في حد عندكوا تعبان…”
هز ابراهيم راسه مؤكداً بكآبة……
“أيوا…….”
ساله عمار بدهشة…..
“مين طيب؟…….”
“حبييتي………”قالها واغلق الخط وهو يشعر بدموع
تكاد تتجمع في عيناه مسحها وهو يقوي نفسه انها ستعود…..ستعود الشرسة مجدداً بعنفوان شبابها وجمالها الجذاب……ستعود…..لا تقلق ياقلبي
ستعود إلينا…….
………………………………………………………………
اتجهت حنين الى احد الغرف الشاسعة حيثُ الاضاءة الخافته وشاشة التلفاز الكبيرة المعروض عليها أحد
الأفلام الكرتونية……. كانت تحمل بين يداها طبق كبير من الفشار وهي تتجه نحو اية وعلي…..
ابتسمت آية إليها وهي تسالها بمكر….
“لحقتي عملتيه….. آروبه فعلاً……”
ضحكت حنين وهي تشاركها الجلسه وتضع كمية
من حبات الفشار بفمها…….
“طبعاً…….. امال إيه……دوقيه هيعجبك… ”
مسكت اية القليل من حبة مكسرات ووضعتها بفمها
وهي تخبرها بامتناع….
“لا انا مليش في الفشار بس علي بيحبه……”

 

 

هجم علي الصغير على الطبق وبدأ الاكل منه بنهم وهو ينظر لحنين ويضحك وكأنه يشكرها على تلك الوليمة فهي المحببة إليه…….
ابتسمت حنين وهي تمد يدها وتداعب شعر الصغير بحب قائلة بحنان….
“كُل ياحبيبي…… بالف هنا……” تاملت حنين عيناه الخضراء اكثر وعلقت بعفوية….
“ماشاءالله….. لون عنيه حلو اوي تبارك آلله….. يعني مش قصدي احسده…….”
ابتسمت آية بود وهي تنظر لابنها ثم لحنين ولمعت عيناها ببريق عجيب وهي تخبرها…..
“طالع لباباه…….انا كمان كنت بحب لون عينه اوي….”
عقدت حنين حاجبيها وهي تعقب….
“كُنتي ؟!…..”
توترت حدقتي اية بحرج وهربت بعينيها للتلفاز….
أحمر وجه حنين بحرج وعضت على لسانها…برغم من
ان علاقتها باخت زوجها بدت بتحسن واصبحت اية احد مصادر السعادة والونس في يومها هي وصغيرها إلا ان كلتاهما تخشى ان تسرد عن حياتها الشخصية…..تخشى كلا منهن من ان تعري ضعفها ومشاعرها امام الأخرى….ربما لان العلاقة لم تصل للعمق المطلوب كي تفصح كلا منهن عن ما يجول بخاطرها بتلك السرعة للآخر…..ربما علاقات الصداقة تحتاج لسنين ووقت كي نعطي الثقة المستحقة للطرف الآخر ؟!….
وضعت حنين حبات الفشار بفمها ومضغتها وهي تنظر للتلفاز بشرود يشهدون ما يشاهده الصغير
بصمت…….
نظرت آية لحنين بعد برهة من الصمت وسألتها
بدون مقدمات…….
“لو عز خانك….. وسابك واتجوز غيرك ورجع بعدها ندمان….. هتقدري تسامحيه……”
“مستحيل طبعاً…….”
ردت حنين تلقائياً بعدما احست بصدرها يغلي تدريجياً من مجرد افتراض…….
ابتسمت آية بمرارة وهي تنظر للتلفاز بوجع كامن في عسليتاها الصافية……قالت اية بدون ان تنظر اليها
“حتى لو لسه بتحبيه…..حتى لو مش قادرة تشوفي
نفسك مع غيره………حتى لو وقفه مكانك مش قادرة تمشي خطوة لقدام…. دايما بصه وراكي لعنيه وقفه ومستنيه…….. مستنياه…..”
قالت حنين بضيق…..
“ولي وقفه مستنياه طالما باعني وخني…..”
لوت اية شفتها بأسى واضافة بتيه…..
“نفس السؤال اللي بقوله لنفسي…وبرضو عمري ما لقيت اجابه مقنعه…….”نظرت إليها اية وقالت
يعيون تلمع بالحزن الدفين……
“الحب بيذل………خصوصاً لو حبييتي حد محبكيش…….”
وكانها اصيبت بلكمة قوية في معدتها سار وجعها بكامل جسدها وهي تفكر ملياً بحديث آية…..
لطالما كان الجميع يشكو من الحب وعذابه امامها لماذا تنظر هي لمشاعرها نظرة اجابية والجميع
يعطي لها إشارات سلبية عن الهوى…..لكن الهوى

 

 

حلو وحلاوته لم تجربها إلا في احضانه وعيناه وكلماته…. رائحته وقربه….. حركاته وهمساته…..
الهوى حلو ياعالم فلا تجعلوني أهابه فانا في الحب غارقة وفي الهوى ضائعة و لاحضانه جائعه…….. الهوى حلو ياعالم فلا تجعلوني أهابه ؟!…….
اخفضت حنين عيناها ثم رفعتها على آية
تسالها مباشرةً……
“قدرتي تسامحي؟…..”
هزت اية راسها بنفي وهي تفصح عن مشاعرها
باستياء…….
“لا……… انا ساعات بحس اني بحارب عشان ارجعله… بحارب نفسي مشاعري وكرامتي… بحارب الماضي
والوجع والوحده اللي عشتها بعده والوقت اللي كنت ببقا محتاجه ليه ومبلقهوش……” ارجعت اية خصلة من شعرها للخلف وهي تضيف باستنكار…
“تعرفي لما حكيت لوحده صاحبتي مقدرتش تفهم مشاعري…. قالتلي انتي بتحبيه ارجعيله وخلاص وكويس انه رجع ندمان عايزه اي تاني……” بللت
آية شفتيها وهي تحارب دموعها كي لا تتجمع في مقلتيها امام حنين التي ترمقها بشفقة وحزن……
“مش اي حد هيفهم مشاعر واحده ست اتخانت من جوزها… من اكتر حد حبته…… محدش ممكن يحس
بطعنة الغدر اللي بتجيلك من اكتر حد بتحبيه….”
سالتها حنين بخفوت …..
“انتي شايفه انه ميستهلش فرصة تانيه….”
ردت آية سريعاً بنبرة شاجنة…..
“يستاهل………يستاهل ياخد الف فرصة عشان بحبه لكن انا اللي مش قدره ادي لنفسي فرصة عشان
اقدر ارجعله…….”
لاحت الصدمة على وجه حنين التي سالتها
بغرابة…..
“عايزه تقوليلي ان المشكله فيكي…..”
ردت آية بكآبة…….
“تقريباً المشكلة فيا وهو سبب فيها من البداية… انا مبقاش عندي ثقه فيه…. ازاي هرجعله وانا مش
واثقه فيه……” تابعت اية وهي تنظر للتلفاز بتيه….
“خايفه أطمن من ناحيته ويرجع ياذيني من تاني…
الاحساس دا صعب اوي ياحنين ومش اي حد يقدر
يراوضه……… زي الشيطان قبل مايشكك في اللي حوليك بيشكك في نفسك………”
هزت حنين راسها بتفهم وهي تربت على كتف اية قائلة برفق….
“خدي وقتك في مسألة الرجوع…. وحاولي تتأكدي
اكتر من مشاعره…….. اعرفي من تصرفاته ومن المواقف اللي بجد الشخص ده فعلاً بيحبك
ولا لا……..”
التواء بسيط احتل شفتي آية وقالت

 

 

بسخرية….
“منك نستفيد ياحنين…. وزي بقا اتأكد من مسألة حُبه……”
هزت حنين كتفيها وهي تقول ببساطة
واختصار….
“بسيطة الراجل لم بيحب بيبقا مهتم…. مهتم بيكي
لو في ايده اي بالذي وحصلك اي ظرف طارق واتصالتي بيه تلاقي جاي على مل وشه اعرفي انه بيحبك ومهتم وبيخاف عليكي……”
لمعة عينا اية بومض غريب وهي تدفعها
للمتابعة….
“وقفتي ليه كملي…..واي تاني…..”
ابتسمت حنين بسمة صغيرة وهي تتابع بهدوء…
“ومثلا لو بيحبك هيسمعلك لو بتحكي حوار ملوش اي تلاتين لازمه هيسمعلك…. اللي بيحب بجد بيحب
يعرف اكتر عن اللي بيحبها….ويحب يعرف اكتر
عن تفاصيل حياتها ويومها وكده…… ” إضافة
حنين بعد انتباه آية الشديد لها وكانها كرسة
كل حواسها لحديث حنين الشيق……
“كمان الراجل بيحب يفضفض للست اللي بيحبها.. يعني لو لقتيه بيشاركك مشكلة اعرفي انه بيحبك
وبيشاركك الحلوه والمُره… ودا مش معناه ان عايز ينكد عليكي لا خالص دا حطك في مكانه اكتر من حبيبة……… والمكانه دي جميلة اوي انك تبقي صاحبته قبل ما تكوني مراته والموضوع ده كمان بيسهل الحياة اوي ما بينكم وبتحاوله تسيطره
على المشاكل…. وزعل بينكم ميطولش…..”
سألتها اية بفضول……
“واي كمان ياحنين……. كملي…..”
قالت حنين برفق……
“الحنيه…. الراجل الحنين ده رزق من عند ربنا اللي يخاف على زعلك اللي ميقدرش يبعد عنك ومهم
غاب بيرجعلك…. حنين بيمسح دمعتك ميقدرش ينيمك زعلانه…….. بيحاول على قد ما يقدر يجبلك كل حاجة ويسعدك على قد امكانياته…. الحنيه
بذات يا آية مش بنقدر نشتريها ولا نقدر نمثلها
على اللي قدمنا طول الوقت الحنية دي زي الحب وهبه من ربنا بيحطها في القلب اللين في المعاملة وبتطلع للكل وبذات للغاليين على قلوبنا….. فهمتيني…”
اومات لها آية بصمت بدون ان تعقب…..
قالت حنين بنفس الين في صوتها…..
“دوري على الحاجات دي فيه اختبري حُبه…. وحاولي تطمني قلبك من ناحيته…… بعد ما تتاكدي طبعاً……..”
حاولت اية تغير الموضوع وهي تسألها…..

 

 

“بس غريبة انك عارفه كل الحاجات دي….كان ليكي تجارب فشلة قبل عز……”
اومات لها وهي تضيف بالامبالاة……
“آآه واحد كان خطيبي….. كنت فكراه بيحبني بس لم سبنا بعض وتجوزت عز…. فهمت الفرق الحقيقي بين الحب والوهم……” تابعت حنين وهي تبتسم في وجه آية ببشاشة…..
“مش لازم تمري بتجارب عاطفية عشان تتعلمي تقريباً الحياة عبارة عن مدرسة ودروس اللي بياخدوها الناس من حوليكي بتبقى بمثابة شهادة تقدير ليكي……كده يعني…….”
اتى علي على آية حملته اية وهي تناغشه بحلاوة روحها…….
“والله اوربة……..اروبة انا قولت كده مش سهله
حنين ياعلي صح………اروبة”
اوما لها الصغير وهو يضحك….هتفت حنين بغيظ وهي تنقض عليه بقوة وتلاعبه وتشاكسه بروح
حلوة كحلاوة ضحكاتها…..
“مين دي انا…………انا ياعلي……”
دغدغته باسنانها بمزاح لطيف جعل آية تبتسم
اليهما ثم علقت بفتور……
“مش بتفكري تجيبي طفل ياحنين؟….”
السؤال جعل حنين تتوقف لبرهة بصمت بل وتنظر إليها بلمحه من الاندهاش…..عقبت اية وهي تبتسم
كاشفه عن اسنانها برفق…..
“إيه مالك بتبصيلي كدا ليه……قولت حاجه ضيقتك…..”
هزت حنين رأسها بنفي….
“لا….بس يعني مفكرتش في موضوع الحمل ده قبل كده…….”
سألتها اية بأستغراب…..
“ليه انتي بتاخدي حاجة تمنع الحمل……”
هزت حنين رأسها سريعاً بنفي فقعدت اية حاجبيها وسألتها……
“وطالما انتي مبتخديش حاجة ليه مفكرتيش في الموضوع…..انتي مش نفسك يكون عندك طفل من عز……….”
اخفضت حنين جفنيها وخفق قلبها بسرعة عالية وهي تفكر في طفلاً منه ومنها كيف سيكون وهل ان اتى سيفرح عز الدين بوجوده ام انه سيغضب ويضطر للعيش معها من أجل الطفل….ربما هي تستبعد الفكرة أساسا خوفاً من التفكير في عواقبها
اذا حدث…….
مزالت ترى النهاية قريبة جداً بينهما برغم كل ما تختبره معه من مشاعر وسعادة وحب وتعود
لوجوده بحياتها إلا انها تحفز نفسها على الفراق الوشيك…..سياتي اليوم ويتركها كما ترك غيرها
سياتي لا محال…….
رفعت حنين عينيها على اية وسألتها بهدوء….

 

 

“قوليلي يا آية…..هو لي عز مخلفش من الأربعة
اللي كان متجوزهم قبلي…….”
برمت اية شفتيها وهي تجيب ببعضا من
الحيرة….
“بصراحه معرفش…..بس ميرال ولينا كانوا بياخده حبوب منع حمل لانهم كانوا عارضات ازياء
وكانوا مهتمين بشكل جسمهم وبيتبعوا حميه
غذائية صعبة…..ام إميلي وأماندا فا دول كانوا اجانب
وتقريبا اقصى واحده عاشت مع عز شهرين وطلقها يعني ملحقش الموضوع بينهم يوصل لخلفه…….”
صاحت حنين بعد ان احترق صدرها غلٍ……
“كمان اجانب…….هو اخوكي دا اي…. لا عاتق برا
ولا جوا……”
ضحكت آية عليها وهي تهدأ اياها بتفهم…
“أهدي ياحنين الكلام دا كله قبل ما يعرفك….انتي ليكي تحاسبيه من دلوقتي من أول ما دخلتي حياته…….”
زمت حنين شفتيها بوجع حقيقي يلمع في عينيها الحزينتين……..
“ياريت اقدر يا آية…..ياريت انا كل ما افتكر إني مجرد رقم في حياته بحس إني……..”
مسكت اية يدها وهي تمنعها من المتابعة قائلة
بتفهم حاني…..
“ممكن تشيلي من دماغك الكلام دا كله….انتي
مش مجرد رقم….صدقيني انا دايما بحس انك غير اي واحده اتجوزها عز……..معاملته ليكي ونظرته عليكي بتعرفني انك مش مجرد رقم وهيجي غيرك انا حسى انك هتبقي الاخيرة في حياته…..ويمكن الاولى في قلبه…….بلاش تحطي جوازته القديمة في وشك طول الوقت….. حاولي تنسي الجوزات دي لان كلها حصلت قبل ما يعرفك او يشوفك…..بلاش تنكدي على نفسك وفكري في حياتك معاه معاملته طرقته هتتاكدي انك واخده مكان مقدرتش اي واحده من طليقاته انها توصله…….. “صمتت اية ثم لكزتها
بخبث واضافة بمكر انثوي…..

 

 

“وحاولي تركزي اكتر في موضوع حملك لان وجود طفل بينكم هيفرق وهيربطكم اكتر ببعض……”
رفعت حنين حاجبها بشك….
“تفتكري………”
اومات لها اية وهي تحمل صغيرها بين يداها وتضع حبة فشار بفمه ، متابعه هي وحنين والصغير باقي
لقطات الفيلم الكرتوني الذي ربما لم يشاهدهُ
أحداً مُنذ بداية الجلسة……….
………………………………………………………………
جلست على الفراش بانتظار عز الدين بعد ان قضت
وقتاً طويلاً برفقة اية وصغيرها….ربما لولا وجودهم
لكانت قاربت على الجنون والتحدث مع حوائط الغرف…….
كانت ممدده على الفراش ترتدي قميص نوم حريري من اللون البني……. تعكس شعرها على كتفها بجمالاً
ناعماً……يبرز القميص القصير قدّها اللين الناعم الهش
مما يكشف عن كتفيها وطول ذراعيها وساقيها الرشيقتين الجميلتين…..لا يعطي للمخيلة فرصة….
كان مكشوف ومغري بشدة عليها…….
كانت عيناها البنية الواسعة تكحلها بكحل أسود
وشفتيها تطلي اياها بحمرة لامعه وزينة وجهها
ناعمة وانيقة وعطرة نفسها بعطر الياسمين…..
هيئة نفسها بشكلاً مغري ومهلك بانتظاره
بانتظار من يقضي معظم وقته في العمل
ويتركها تنتظره على احر من الجمر…..
اشتاقت إليه وكل يوم تتلهف على تلك الساعات القليلة الليلية التي تقضيها معه في احضانه…
الى اي مدى وقعت في غرامك ياعز الي اي
مدى ياحبيبي أحببتك ووقعت اسيرة في
غمرة عشقك…..
سمعت بوق سيارته بالاسفل فنبض قلبها بقوة وقفزة من مكانها تقف امام المرآة تعدل قميصها وترجع
خصلات شعرها بسرعة…..
دخل عز الدين من باب الغرفة فوجدها بانتظاره….
ابتسم إليه بحب يشتبك به الشوق على ملامح يرتسم عليها الاجهاد والتعب…….
اقتربت حنين منه وطبعت قبلتين على وجنتيه قائلة
برقة….
“حمد الله على السلامه ياعز…..اتاخرت اوي….”
رد عز الدين بأرق واضح……..
“معلشي ياحنيني الشغل مانتي عارفه…عامله ايه…”
قرصها من وجنتها برفق ثم مسك فكها بيده وقربها

 

 

منه وطبع قبلة سطحية على شفتيها احرقتها وهي التي كانت تنتظر قبلة اعمق من تلك كي تروي ظمأ
الشوق في بعده….لكنه زاد بعد تلك القبلة المزعجة..
“الحمدلله كويسه……مالك شكلك تعبان….”
رد باجهاد واضح…..
“تعبان اوي انا حتى مش قادر اغير هدومي….”
“خليك انا هساعدك……”اقتربت منه وخلعت عنه السترة ثم بدات بفتح ازرار القميص…
ابتسم عز الدين بمكر وهو يقترب منها ويهمس في اذنها بوقاحة……
” بس اي الحلاوة دي ياحنيني…… هي القمصان الحلوه دي مش ناويه تخلص ولا إيه…..انا هيحصلي حاجة بسبب القمصان اللي بتشتريها دي….. ”
سالته بمكر انثوي……
“مالها القمصان يعني…….. وحشه…..”
غمز لها وهو يداعبها بوقاحة……
“ماهي المشكلة انها مش وحشة… دي… جامده زي
اللي بتلبسها……”
ابتسمت بخجل وعقبت…
“انت بتعاكسني……..”
رد بايجاب…..
“حاجه زي كده…….”
ابتسمت حنين وهي تخلع القميص الابيض من عليه
ثم امرته ان يجلس على حافة الفراش ففعل ما
تريده…..ليجدها تجثي على ركبتيها محاولة خلع الحذاء عنه…..
منعها سريعاً وهو يرفع يداها ويدفعها للنظر إليه…
“بتعملي اي ياحنين……”
نظرت اليه بغرابة واردفت ببساطة…
“بقلعك الجزمه مش بتقول تعبان…….هساعدك
تغير…. ”
لاحت بسمة عميقة حانيه على شفتيه ثم قال
برفق والحب يلمع بعيناه العسلية……
“لا ياحبيبتي….انا وفقت انك تساعديني بس مش لدرجة انك تقلعيني الجزمه…..”
سالته بغرابه وهي مُصره على المساعدة….
“واي فيها !….هو انا مش مراتك وانت جوزي
مفيش بينا احراج وطالما محتاج مساعدتي اي فيها بقا ؟…..”
رد بجدية وهو ينظر لعيناها بقوة…..
“فيها ان حنين مينفعش توطي راسها حتى لو عشاني……”
لوحت بيدها باستهانة….

 

 

“بطل افوره وسبني اقلعك الجزمة……”
مسكها من كتفيها وهو يرفض
بحزم…..
“قولتلك لا……انا هقلعها……قومي…..”
ردت حنين تلقائيا اثناء اقناعه بالأمر…..
“يا عز ياحبيبي مفيهاش حاجة ا……”
عقد حاجبيه ناظراً اليها بصدمة…..
“يا إيه؟…………..ياعز يا إيه؟…..”
طصنعة الغباء قائلة…..
“يا إيه ؟……….مش فاهمه.. ”
“حنين……”نادها بضيق
ابتسمت بشقاوة وهي تقول….
“متدققش بقا وسبني اقلعك الجزمة……”
“لا……… وتعالي….”جذبها اليه فجعلها تجلس
في حجره وتفاجئت براسه تستند على صدرها
وضم خصرها اللين بكلتا يداه وظل على هذا
الوضع للحظات في حالة من الصمت والسكينة…..
رفعت حاجبيها للاعلى بدهشة وتوسعت عينيها وهي تشعر بضمه اليها اكثر وراسه مدفونه بصدرها وكانه
يطالب بعناق منها ويخجل لسانه من طلبه على الملء…….
ضمته بحنان وداعبت شعره باصابعها الطويلة وهي تسأله بقلق فالأول مرة يبادر بطلب عناق منها بهذا الشكل العاطفي الأقرب لعاطفة خالية من اية
مطالب جنسية كانت تحدث بعد كل عناق
حميمي بينهما…….
“مالك ياعز…….في حاجة مضايقك…….”
رد بنفي……
“لا……….مفيش……”
اعادة السؤال بشك….
“متأكد………”

 

 

رد وهو يهز راسه داخل احضانها…
“يعني…….شوية مشاكل في الشغل…..”
سألت بتصميم انثوي…..
“معقول شوية مشاكل يخلوك عامل كده……”
همهمات بسيطة كانت الرد عليها طولت بالها وقالت بلين انثوي……
“ممكن تحكيلي……فضفض مش يمكن نلقالها حل…”
رد عز الدين بيأس…..
“ملهاش حل ياحنين…….”
وجدته ينهض في جلسته وهو يحملها على ذراعيه
ثم جعلها تستلقى على الفراش وهو بجوارها لكن راسه كانت على صدرها وذراعيه القويتين تضمها
اليه مجدداً بقوة مهلكة لقلبها الضعيف في حُبه…….
اغمضت عينيها بضعف وهي تشعر به يقبل مكان فتحت القميص عند الصدر ثم يعود ويريح راسه
على صدرها اللين بصمت ويضمها اكثر إليه…..
داعبت شعره مجدداً في نومتها تلك وهي تساله برفق……
“هتنام كده مش هتغير…. ولا حتى هتاكل……”
رد بنبرة ناعسة…..
“مش عايز حاجة ياحنين…. سبيني انام…..”
زاد القلق اكثر وهي تسأله باصرار ولان صوتها
في السؤال……
“إزاي اسيبك تنام….قلقتني ياعز…عشان خاطري قولي مالك…….”
رد بنبرة كئيبه……
“في كذا حاجة في الشغل عندي متقعبله……”
سالته برفق ويدها تسير على راسه
بحنان……..

 

 

“حاجة زي إيه يعني….احكيلي”
استسلم لذلك الالحاح الحاني وشعر انه بحاجة ان يحكي اليها حتى ان لم تفهم معظم حديثه يجب
ان يحكي لانه يريد ذلك معها……وتلك المشاعر الدافئ ربما لم يشعر بها باحضان انثى قبلها……
“في مناقصة وقفه معايا ومهمة اوي للشركة ومفيش غير واحد بس هيقدر يمشيها……”
لاحت علامات الاستفهام عليها وهي تساله
بهدوء……
“مين دا ….ولي مش عايز تكلمه طالما في
ايديه الحل…….”
رد ببساطة أصابتها في صميم قلبها…..
“مش عايز اكلمه عشان الراجل ده يبقا أبو ميرال…وتقريبا انا بعد ما طلقتها قطعت كل الوصال بينهم……..”
تشنجت يدها فوق راسه وتجمد جسدها اسفله وتحولت للنقيض وهي تساله بنبرة باهته
مشحونة بالغضب الوشيك…..
“والمطلوب………..هترجعلها عشان المناقصة….”
رد بايجاز بعد ان لمح انفعالها الوشيك….
“لا……… الموضوع مش كده هحاول اضغط عليه بالفلوس…….”
زاد انفعال حنين وخرج مع كلماتها العنيفة……
“وافرض موفقش…..هترجع لبنته عشان المناقصة.. ”
رفع راسه وطل عليها بهيئةٍ رجولية
جذابة…….وصاح بنفاذ صبر عليها….
“اي المسلسل التركي اللي انتي عايشه في دا ياحنين….. اكيد لا….. هرجعلها ليه…. ولا الف مناقصة
تخليني اعمل حاجه انا مش عايزها لو هقفلها خالص……… انا بفكر معاكي بصوت عالي متخلنيش اندم اني اتكلمت معاكي….. مش انتي اللي قولتي اتزفت احكي يمكن نلاقي حل اديني بتزفت احكي…..”
نهضت نصف جلسه وهي تبرق بعيناها بغضب
وتهتف بغيظٍ منه…..
“انت بتزعق لي دلوقتي…… مش من حقي اعرف وضعي إيه في الحوار دا كله…..”
رد عز الدين بحنق منها فهو يعلم ماذا تقصد بكلماتها السامة…..
“وضعك الثابت هو انك مراتي… ومفيش حاجة هتغير وضعك ده فهمتي………”
جذب ساقيها للاسفل كي يجبرها على النوم على ظهرها ثم القى رأسه على صدرها وعضها من
الجزء الين اسفل رأسه…….

 

 

تاوهت بغيظ وهي تضربه على كتفه….
“متقربش مني…..ونام وانت ساكت……”
رد بعبث كي يمحي هذا الجو المشحون
بينهم……
“انام إزاي يعني وانا نايم على اطرى مخده في
الاوضة كلها…..”
عضها مجدداً بقوة……تاوهت وهي تبعد راسه بغضب
قائلة……
“عارف لو مبطلتش هقوم انام في اوضه تانيه….”
سالها ببراءة وأغاظها اكثر…..
“هو انا عملت اي لده كله يامجنونه……”
عضت على شفتها وهي تلفظ بغيظ وقهر منه….
“ولا حاجة الموضوع وما فيه اني مبقتش عارفه انا وضعي اي معاك….”
شدد على الاجابة مرة اخرى بخشونة…
“وضعك ثابت…….. مراتي…….”
ضيقت عينيها بغير اقتناع….
“لحد امته بقا؟…..”
رد ببساطه خشنة……
“لحد ما اموت ياحنين………”
هتفت سريعا بعفوية قلبها العاشق إليه وهي
تمرر يدها على راسه بحنان اقرب لحنان الام
على طفلها…..
“بعد الشر عليك……ربنا يديمك نعمة في حياتي.. ”
لم يرد عليها بل عضها مجدداً بوقاحة ضحكت
بدلال وهي تبعدهُ عنها…
“ممكن تبطل قلة ادب وتنام……”
رافع راسه وقرب شفتيه من شفتيها وظل يطبع قبلات سطحية محمومه بالمشاعر وهو يقول لها…
“بذمتك…. بعد اللي…. انتي…. عملاه… في نفسك…
ده هعرف انام…..”
دفعته وهي تحاول النهوض بخجل…..
“خلاص ابعد هروح البس حاجه مقفولة…..”

 

 

رد وهو يمد يداه بوقاحة ويلامس مفاتنها…….
“ونام ازاي من غير المخدة الطريه بتاعتي…..”
نادت حنين بهمس ضعيف وهي تنظر
لعيناه…..
“عز…………مم… ”
طبع قبله على شفتيها ثم عاد لعينيها ورد ببحة خاصة………
“عيون عز………ياروح عز……..”هجم على شفتيها بقوة فجعلها تستلقي مجدداً على الفراش غارقه
في انهاره ترتوي بقدر ظمأ شوقها إليه…بقدر الحب وعذابه….ترتوي لعلها تتوب يوماً عن الهوى ، وهل
للهوى توبة ؟!…..
في صباح وجدها تيقظه بقوة وهي تبكي بهستيريه…….
نهض من نومته بفزع وهو ينظر لعينيها الحمراء
الباكيه بخوف…..
“مالك ياحنين بتعيطي ليه……”
قالت حنين بنبرة مبحوحه وهي تنتحب بكثرة
وجسدها باكمله ينتفض بخوف…..
“سمر في المستشفى…….سمر عملت حادثة
امبارح….. قوم وديني الله يرضى عليك ياعز…انا
لازم اكون جمبها………وديني الله يخليك…..”
ربت على كتفيها بقلق عليها وهتف
بحنان وتفهم لحالتها……
“اهدي ياحبيبتي وكفايه عياط هوديكي متخفيش……متخفيش ان شاء الله خير……”قبل جبهتها وهو ينهض سريعاً للحمام…..
بعد مدة اوقف عز الدين سيارته امام المشفى
ونظر الى حنين التي كانت تجلس بجواره مرتديه طاقم انيق كلاسيكي وتاركه شعرها خلف ظهرها وتخفي معظم وجهها بنظارة سوداء كبيرة تقريباً كانت تخفي دموعها التي لم تجف من وقت سماعها لخبر الحادث….
كانت ستفتح الباب بجوارها وتخرج لكن عز الدين منعها وهو يمسك يدها…..
نظرت إليه بغرابة من خلف نظارتها السوداء
مد يده وخلع النظارة ومن ثم مسح دموعها بيده وهو يحدثها بحنو…..

 

 

“ممكن تبطلي عياط وتحاولي تمسكي نفسك شويه….هتدخلالها إزاي وانتي كده….اجمدي شويه ياحنين……..”
هزت راسها وهي تنهار اكثر ودموع تتجمع مجدداً بمقلتيها كغمام شفاف لامع…
“مش قادره…..مش قادره….انا خايفه ادخلها….خايفه يكون جرالها حاجة……”مسكت كف يده بقوة وهي
تنظر لعيناه العسلية برجاء عنيف…..
“انا خايفه ياعز……..خليك معايا…….خليك جمبي….”
رفع يدها القابضه على كفه وقبلها بحنان وهو يرفع عيناه اليها ثم قال ببحة دافئه…..
“انا جمبك ياحنين…..متقلقيش…….ان شاء خير…..”
جذبها لاحضانه برفق وضمها بحنان وهو يحاول دعمها عاطفياً حتى تقاوم هذا الرعب وتدلف
للداخل كي ترى صديقتها…..او صديقة عمرها
كما اخبرته مرراً عن تلك الصداقة النادرة
التي لا تتكرر كثيراً في حياتنا…….
بعد لحظات قليلة دخلت برفقته للمشفى ويده القوية تقبض على كفها وهم يسيرون بداخل ممر المشفى
وكانت حنين تشعر بالانقباض ورعب يتغذى على روحها ببطء ودموع تتحجر بعيناها كلما اقتربت من رقم غرفتها…….
انتبهت حنين لوجود أحمد وامه وخاله امام باب الغرفة وقع قلبها وهي تقترب منهم بهلع…..
“طمنوني……سمر كويسه…..هي جوا ولا لسه في العناية………”
رد أحمد عليها وكانت ملامحه مظلمة وعيناه ذابلة
بشكلاً ملحوظ وكانه فقد ومض الحياة بعد خبر حادث شقيقته…..
“هي فاقت من الغيبوبة واتنقلت الاوضه دي….”
خطت حنين خطوتين بلهفة باتجاه
الغرفة….
“طب انا دخله اشوفها يا أحمد…..مين عندها جوا….”
رد أحمد بهدوء…..
“ابراهيم وحبيبة جوا…..شويه وخرجين…..احنا اطمن عليها…….هي لسه مفقتش الدكتور بيقول كلها ربع ساعه وتفوق بس هي كويسه اطمني……جت
سليمة… ”
اتجهت حنين الى زينب وضمتها بحنان وشفقة
وهي تقول بين دموعها……
“ادعلها ياخالتي…….الحمدلله انها قامت منها سليمة…..ربنا يكمل شفاها على خير……”
بكت زينب وهي تولول في احضان حنين
بحسرة….
“آآه يابنتي كان مستخبيلك فين دا كله….آآه…..”
ربتت حنين على ظهرها وهي تبكي معها…..

 

 

لكنها لمحة بطرف عينيها المبللة نظرة عز الدين الغير راضيه عن ضعفها هذا والاستسلام للبكاء والحزن امام والدة صديقتها……..
من نظرة واحده فهمت ما يريده…خرجت من احضان زينب ومسحت دموعها وحاولت التخفيف عن السيدة ببعض الكلمات الحانية المحفزه لها ان كل شيء بأمر ﷲ ولا يجب الاعتراض على أمره……..وان الأمور
ستتحسن قريبا ولا داعي للولوالاً والبكى والحسرة على ما فات فتلك الامور لا تقدم ولا تأخر في حياتنا……
ابتسم عز الدين بفخر واعجاب بحبيبته الجميلة الحزينة الهشه….. هشاشه تهلك ثباته وتزلزل كيانه
فتجعل منه نمر جائع يريد نيلها اكثر من السابق
شهية ومغريه ككل شيءٍ بها……
……………………………………………………………..
نظرت حبيبة إلى سمر الراقدة على الفراش بشفقة
ثم زادت الشفقة أضعاف وهي ترى ابراهيم جالس
بجوار السرير على احد المقاعد يمسك كف يدها
ينظر اليها بصمت طويلاً وكانه يحدثها في نومتها باشياء عديدة…..
تعلم حبيبة انها اتت لهنا بعد مكالمة ابراهيم إليها وكان من خلف المكالمة ان يكون وجودها ككارت
مرور اليه حتى يعرف الدخول الى سمر بحجة
زيارة حبيبة اليها التي اتت خصيصاً كي ترى سمر
وتطمئن عليها لا لان تكون وسطة خير بينهما
حتى يجلس معها بمفردهم و بدون ان يلفت
الانظار اليه كذلك ؟!…….
ابتسمت حبيبة بعطف وهي تدلف لشرفة الغرفة وتقف بها كي تعطي له المساحة الكافية في التحدث معها فقد استيقظت سمر للتو اثناء تاملها لهم…..
أخيراً شعرت بانفاسها اخيرا مات الصمت وسمعت صوت الحياة مجدداً…..رمشت بعينيها عدت مرات وهي تحاول مقاومة الضوء القوي تشعر بوجع قوي بكامل جسدها تشعر ببرد بكامل جسدها إلا كفها
كان دافء بين يدي قوية تقبض عليها بامتلاك…
انفاسه…..تشتم انفاسه وعطرة تشعر بوجوده…هل هو هنا……هل ماتت هل تزوجت ابراهيم وكل ما عاشته كان كابوساً هل ستسيقظ وتجد نفسها باحضان ابراهيم على فراشهما……هل كان كابوساً….
تتمنى؟!…
بداخلها تتمنى ان ينتهي الكابوس وتتحرر للأبد…
سمعت صوته يهمس بالقرب من اذنها برفق

 

 

خشن…
“سمر……..فتحي عينك اطمني……..انتي في المستشفى………فتحي عينك….حسى بايه…في
حاجه وجعاكي…….”
قبضت سمر على يده وشريط الذكريات الأسود يمر امام عينيها ببشاعة مفجعه وحينما وصلت لمحاولة اغتصابها والحادث بعدها حتى شهقة بقوة وهي تحاول النهوض والانتفاضه في نومتها…. لكنها وجدت كف قوي يمنعها وصدر صلب رحب يضمها هامساً بحنان ينصهر الوجع والالم بعده….
“أهدي….. اهدي انتي كويسه… احنا في المستشفى….. اهدي انا جمبك……”
همست بارتعاد وراسها يرتاح على
صدره……..
“ماهر….. مـ…. ماهر…….فين…. ”
كانت صفعه قوية منها حتى يفوق لنفسه…….
توقف عن ضمها بل وازداد تحشرج انفاسه وهو يرى
بشاعة ما يرتكبه…… لا يحق له حتى لمسها لماذا يضمها بتلك الطريقة لماذا يطمئنها بهذا الشكل
لماذا يضعف امامها ولماذا لا يرحل ويتركها…..
ابتعد عنها ونهض من مكانه وتركها جالسه على الفراش تنظر له بوجه مبلل شاحب ترتسم عليه بعض الكدمات اثار الحادث وأيضاً راسها المصاب الذي
يلتف حوله شاش قطني……
نظر اليها في وقفته الصلبة وهو يحارب الكلمات كي تخرج بصعوبة…..فهو لو عليه لكان صفعها على وجهها عدة مرات وحملها على كتفه وهرب بها لأبعد مكان في الأرض وتباً للمنطق وللجراح ولكرامته ولعائلته تباً للجميع ولكل شيء يحرمه منها……..
“جوزك مات في الحادثة………البقاء لله……”
بهت وجهها وظلت تنظر اليه للحظات بعدم استيعاب
والحسرة تلمع بعيناها…….
حسرة كانت كطعنة غدر إصابة قلب ابراهيم فظن انها أحبته لذلك هي حزينة ومصدومة بخبر وفاته…….
سألته سمر مجدداً وهي تحاول استيعاب الخبر….
“متاكد انه مات………”
رد بانفعال مكبوت وهو ينظر لعينيها….
“معرفش تقدري تسالي اهلك……او الدكاترة….”
ثم أضاف وهو يقترب من الباب….
“الف سلامة عليكي…….هنادي اهلك عشان يطمنه عليكي…….”
سألته بلهفة….
“ليه انت هتمشي……”
رد ببرود قاسي……

 

 

“هقعد اعمل إيه……انا عملت الواجب…..حبيبة في البلكونه بتعمل مكالمة وطلعه عشان تطمن عليكي…”
لاح الوجوم عليها وهي تعقب بكآبة….
“يعني انت جيت بس لحد هنا عشان حبيبة….”
اوما لها بتاكيد بارد……
“أكيد…… امال هاجي ليه………يعني احنا في الاول وفي الاخر جيران…….”
لوت شفتيها باسى وقالت…..
“عندك حق…………..شكرا عطلناك……..”
رد بنفس البرود المغيظ لاعصابها…….
“انا فعلاً متعطل وهمشي دلوقتي بس بعد ما وصل حبيبة……..”
القت نفسها على الفراش امام عيناه واغلقت عينيها بتعب وغضب كذلك منه وصدمة من خبر موت ماهر وانتهاء الكابوس……….
خرجت اليها حبيبة بحرج وهي تقول بحرج أكبر…
“حمدلله على سلامتك ياسمر….قلقلتينا عليكي….”
ردت سمر وعيناها معلقة على سقف الغرفة
بتعب….
“الله يسلمك ياحبيبة…….”
خرج من الغرفة واخبر أهلها اللذين دخلوا سريعاً إليها
باستثناءه هو وشخص آخر وقور الشكل ضخم البنيه ثري الهيئة ينظر اليه بتحفظ وصمت……
القى عليه ابراهيم نظرة باردة وهو يجلس على اقرب مقعد وينظر امامه باستهجان لكل شيءٍ حوله……
رفع عز الدين هاتفه وسار عدة خطوات مبتعد عن مكان جلسة هذا الرجل ذو الملامح المكفهرة
البنية الضخمة الذي من هيئته تبرهن انه قاتل
متسلسل ، مخيف النظرات حاد حدة
ملحوظة من أول لمحة…..
بداخل الغرفة…..
نزلت دموع حنين وهي تجلس على حافة الفراش تمرر يدها على صدغ سمر وهي تسالها بقلق….
“انتي كويسه ياحبيبتي… حسى بحاجة……”
ابتسمت سمر في نومتها ومن بين ملامحها
المرهقة قالت بهدوء…..
“انا كويسه ياحنين متقلقيش…….”
قالت حنين بقلباً ملتاع وهي تنظر لها بحزن…..
“مقلقش ازاي بس…..دا انا كنت هموت من الرعب عليكي…..الحمدلله انك كويسه الحمدلله انها عدت على خير……..”مالت حنين وقبلت جبهة سمر وهي تمرر يدها بحنان على راس سمر برفق وشفقة على
ما اصابها…….
من ناحية الفراش كانت تقف زينب وتمسك يد ابنتها وهي تبكي وبجوارها عارف اخيها…وخلف حنين
من الجهة الآخر يقف أحمد وحبيبة…….
بدت زينب بالبكاء واخراج بعض كلمات الندم والحسرة على ابنتها التي ترملت في عز شبابها…..وبرغم من فرحة زينب من تخلص ابنتها

 

 

من تلك الزيجة إلا ان التوقيت وموت ماهر اشياء تكسر الظهر من وجهة نظرها هي فالعالم لا يرحم لا المطلقه ولا الارملة وان كانت كزيجة مثل زيجة
ابنتها مؤكد ستخرج الاتهامات الباطلة على الشابة التي تزوجت عجوز قدم في الدنيا وقدم في الآخرة وسر الزيجة ميراث العجوز الذي لم يطول عمره
معها إلا شهر واحد بعد زواجها منه……..
صاح عارف بغضب في أخته…..
“مش وقت كلامك دا يازينب الحمدلله ان احنا اطمن عليها وربنا خلصنا منه…….دا بدل ما تفرحي…..”
قالت زينب باستهجان وقهر…
“افرح !….افرح ان بنتي بقت ارملة…افرح باي ياعارف….لو كانت سمعت كلامي من الأول كان
زمانه مات وخلصنا منه ومن شره……”
دفعت حنين عنها باستهجان….
“وهي هتعرف منين ياخالتي…غسله وضمنه
جنة…… اللي حصل حصل وكل ده مكتوب….”
اغمضت سمر عينيها بقوة وهي تحاول مقاومة انفعلها حتى لا تثور على أمها…..
انتبهت حنين الى منظر سمر وانفعالها وضغطها على نفسها…….. فقالت بحزم……
“اقفلي الموضوع ده ياخالتي…. انتي مش شايفه سمر تعبانه إزاي……”
مالت حنين على سمر المغمضة العين بقوة وقالت لها بشفقة حانيه……
“أهدي ياسمر……. اعذريها دي مهم كان أمك وكلامها ده زعل عليكي مش اكتر…..”
فتحت سمر عينيها ونزلت دمعه محجوزة في مقلتيها ثم بنفس الهمس قالت لحنين بقهر…..
“محدش عارف انا مريت بايه في الشهر ده…. محدش عارف ياحنين……..”
همست حنين بغيرة الاصدقاء وهي تلوح
بابتسامة متكبرة…
“مش لازم حد يعرف…. كفايه انك هتحكيلي انا
مش كده…….” ثم زادت ابتسامة حنين بمناكفة
وهي تقول…….
“اعملي حسابك اننا لينا قعده طويلة مع بعض ومش في البيت في المستشفى هنا…. انا هقعد على قلبك هنا لحد ما تخفي………”
سألتها سمر بابتسامة فاترة…..
“جوزك هيسيبك تباتي هنا…….”
غمزة لها حنين بصلف…..

 

 

“اكيد هضغط عليه بطرقتي……”
كشفت سمر عن اسنانها وهي تعقب بتعجب….
“حنين بقا ليها طريقه !…….. اتغيرتي اوي…..”
حركت حنين حدقتيها بدهشة….
“يسلام و أي بقا اللي اتغير فيا ياست سمر.. ”
رد سمر ببساطة وبنظرة ثاقبة….
“ثقتك في نفسك زادت….. وبقتي حبه الحياة…..
واضح ان جوزك هو سبب التغيير ده…. ”
توردت وجنتي حنين بحرج وهي توما لها
بتاكيد….
خلف حنين كان يقف أحمد بجوار حبيبة التي نظرت اليه وقالت بصوتها الراقي…..
“الف سلامه على سمر يا أحمد…….”
رد بفتور
“الله يسلمك……”
سالته بقلق…
“مالك وشك مخطوف…….”
هز راسه بنفي وقال
“انا كويس ياحبيبة متقلقيش….”
اصرت حبيية وهي تسأله
بقلق واهتمام…..
“مش باين انك كويس…. انت حتى واقف مكانك ولحد دلوقتي مسلمتش على اختك…. مالك….”

اصرت حبيية وهي تسأله
بقلق واهتمام…..
“مش باين انك كويس…. انت حتى واقف مكانك ولحد دلوقتي مسلمتش على اختك…. مالك….”
رد أحمد بخفوت……
“خايف……” قالها وهو يدلف لشرفة الغرفة بدون ان يشعر بهم أحد……..دخلت خلفه وهي تسأله
بصدمة….
“خايف من إيه؟…..”
رد وعيناه على الأسفل حيثُ حديقة المشفى والشارع عن بعد…….
“من الموت…….”
نظرت حبيبة لساحة الخضراء والواقفة المتعبة لاعصابها الممزوجة برائحة البنج والأدوية التي
تخنق انفاسها…..قالت بعد برهة بنبرة حانيه
“هو دا مكتوب……. كل نفسا ذاقت الموت…….”

 

 

رد أحمد بوجوم وعيناه مزالت مثبته في الأسفل
تلمع بحزن لم يتضح إلا الان امام عينيها….
“عارف…. بس انا مبحبش الفراق….لم سمعت عن حادثة سمر……. حسيت اني هبقا لوحدي وهبقا يتيم من تاني….. نفس الإحساس لم سألتهم وانا صغير
عن ابويا وقلولي انُ عند ربنا…. حسيت ان عادي
مع انُ كان بيوحشني…… وقولت لنفسي مش صعب انك تعيش يتيم…. بس سنة ورا سنة كنت بفهم
يعني إيه ابوك مش في حياتك….. يعني إيه سندك
يعني إيه كبيرك…. يعني اي تعيش من غير ماتبقى
تحت ضل ابوك…… يعني اي تتعب ومتلقهوش جمبك يعني اي توقع في مشكلة ميبقاش موجود معاك يدافع عنك ويجبلك حقك زي ما بيحصل من ابهات صحابك ……. يعني اي تتحرم من ابوك وانت لسه
يدوبك ست سنين…..لا تشوف حنانه ولا تلحق تشبع من حضنه حتى الذكريات اللي كانت بينا معظمها نسيتها…… ومش فاكر غير حاجتين تلاته منها…. ”
نزلت دموع حبيبة وهي تنظر إليه بشفقة لتجد دمعه حزين هبطت من مقلته فمسح اياها سريعاً وهو يشيح راسه للناحية الأخرى قائلاً…..
“انا آسف……. شكلي عيل اوي مش كده…..في تانيه جامعه ولسه محتاج ابويا… ” ابتسم ساخرا من نفسه…..
ردت حبيبة وهي تمسح دموعها بالمنديل….
“مهم كبرنا بنحتاجلهم……. مش بسن يا أحمد……. مش بسن……..”
وجدته يستدير إليه ينظر اليها برجاء وعيناه تلمع آثار
الدمعه الغادرة التي نزلت منه أمامها…… مسك يدها
وقال بتوسل غريب……
“انتي مش هتسبيني صح ياحبيبة……… هتفضلي معايا…. مش كده…….”
اكدت حبيبة بنبرة حانية……
“اكيد يا أحمد…. ممكن تهدى شويه انا عمري ما شفتك كده………انا جمبك ومعاك متقلقش…..”
رفع يدها وطبع قبله بداخل كفها وهو يمهس لها
بنبرة تحمل من العاطفة انهار تروي……

 

 

“انا بحبك ياحبيبة……. بحبك اوي…..”
سحبت يدها سريعاً وهي تنظر للجهة الأخرى بتوتر وقلبها يخفق بشدة كلما نظرت لعيناه وسمعت اعترافه بالحب وما أجمل منه اعتراف……..
عادت براسها اليه بارتباك وكان أحمد مزال ينظر
اليها بصمت وسكون بمكانه…….. قالت بتوتر…..
“يلا عشان تسلم على اختك وتطمن عليها……”
خرجت من الشرفة سريعاً امام عيناه التي تلاحقها بشوق……….
خرج احمد خلفها واقترب من اخته بعد ان القى نظرة امتنان لحبيبة التي كان وجودها بمثابة طوق النجاه له…….
مالى على سمر وقبلها من جبهتها وهو يقول بحب أخوي به لمحة من المزاح حتى يخفف كآبة المشهد……
“حمدالله على سلامتك ياشقي……. كده عايز تفلسع وتسبني لوحدي………..”
ردت سمر بمناغشة بسيطة بعد ان لمحة عينا اخيها الدامعة……
“افلسع اي بس انا قعده على قلبك عايز تاخد زوزو وعارف لوحدك…….”
ابتسمت زينب بحزن وهي تنظر لاخيها عارف الذي ربت على كتفها وهو يواسيها ببعض الكلمات……
…………………………………………………………
خرجت حنين لعز الدين الواقف امام الغرفة ساند ظهره على الحائط…… قالت حنين بتلقائية
وهي تتقدم منه
“مدخلتش لي ياعز…. سمر فاقت ادخل اطمن عليها……”
رد عز الدين بامتناع وهو ينظر لساعة معصمه
بعجلة….
“لا مش دلوقتي خليها وقت تاني…. يكون الجو
هديي شويه……. خليها براحتها مع اهلها…..”
هزت حنين رأسها بتفهم وهي تخبره بهدوء…
“طب تمام لو وراك شغل روح انت وانا هستنا هنا
مع سمر…..”
سالها بأستغراب…..
“مش هتروحي…..”
اخبرته سريعاً بخفوت……
“لا انا مش هينفع اسبها…..انا كمان عايزه ابات معاها في المستشفى…….”
الرفض السريع اتى منه وهو ينظر لعينيها
بحزم….
“لا ياحنين بيات لا…….لو عايزه تفضلي معاها طول النهار ماشي لكن بليل تبقي في البيت….مفيش
مبيات برا……”
ردت بعناد وتصميم امام عيناه المشتدة قليلاً….
“ولي لا ياعز دا ظرف طارق…..وبعدين مينفعش اسبها….”
قال بتبرير…
“انا مقولتش تسبيها انـ…..”
قاطعته حنين بجدية محاولة اقناعه…..
“امال قولت إيه….سمر يامه وقفت جمبي ياعز ولو انا موقفتش جمبها دلوقتي هقف امتى بس……”
زفر عز الدين بسام وقال….

 

 

“هو انا قولتلك متقفيش جمبها ولا حتى منعتك….
معاكي طول النهار ياحنين واخر النهار تروحي…. ولو قلقانه عليها اوي كده انا ممكن انقلها في المستشفى عندي واعين طاقم طبي بحاله ليها وساعتها هياخده بالهم منها طول الليل ويطمنونا عليها….”
هزت راسها برفض وهي تقول….
“مش مستهله كل ده… المستشفى اللي احنا فيها
دي كويسة ومتفرقش حآجه عن المستشفى بتاعتك…”
سالها بحنق والغيرة تنهش
بصدره….
“امال انتي عايزه إي بظبط…..”
احتدت نبرتها امام عيناه العسلية
القاتمة….
“عايز اكون جمبها وبات معها……”
رفض بهيمنة رجل يغار…….
“لا…….”
زمجرت في سؤالها بـ
“لا ليه ياعز ؟…….”
خطى خطوة بالقرب منها ومالى عليها وهو يخبرها
بتملك وغيرة…….
“عشان مقدرش استغنى عنك ومينفعش ادخل البيت وانتي مش فيه……. ولا ينفع كل واحد فينا يبات بعيد عن التاني…….” اختلج صدره بالغضب والغيرة من صمتها وسكونها امامه فاضاف بغطرسة وأمر….
“مفيش مبيات ياحنين دا اخر كلام عندي… ”
شعرت ببوادر السعادة من اول كلماته لكن سريعاً تلاشت السعادة وامتقع وجهها وهي تسمع امره
الحاد………عقبت باستهجان……
“اسكت ياعز ومتبوظيش أجمل كلمتين قولتهم
بالأمر بتاعك ده…..خلاص مش هبات بس هقضي اليوم كلو معاها معاد بليل اتفقنا…..”
شعر براحة أخير وهو يتنفس بهدوء قائلاً بتملق…
“اتفقنا……مع ان دا كمان موافق عليه بالعافية….
بس كل يهون عشان حنيني ترضى ومتزعلش……”
قرص وجنتها بحب ابتسمت ابتسامة جميلة
كشفت عن اسنانها البيضاء وهي تنظر لعيناه بعينان تلتمع بالحب….عقب عز الدين باشتياق…..
“أخيراً شوفت ضحكتك………”

 

 

عقدت حاجبيها بتاثر وهي تعتذر بدلال
انثوي…..
“معلش انا عارفه اني خضيتك الصبح بس كنت هموت من القلق على سمر……”
رد بحب وعاطفة جياشة تضرب صدره كلما راى ضحكاتها وشعر بدلالها الاثنوي عليه……
“انا فاهم ياحبيبتي……بس ياريت مشوفش دموعك دي تاني………اتفقنا…..”اومات له بابتسامة دافئة….
مرر يده على شعرها وهو يقول بحنان….
“انا همشي دلوقتي وهبعتلك السواق بالعربية يستناكي برا منين ما تخرجي…..كمان هخليه يجبلك اكل وهو جاي ليكي ولي لاهل صاحبتك…..”
اومات له حنين بإبتسامة جميلة لكنها انتبهت سريعاً
لابراهيم القادم عليهم في أول الممر وكان بين يداه عدت اكياس من الطعام الجاهز…..علقت حنين
وهي تعود بنظر لعز الدين……
“واضح ان ابراهيم سبقك……. وجبلنا اكل…..”
القى عز الدين نظرة ثاقبة على إبراهيم وكان نفس الشخص حاد الملامح الذي كان يجلس منذ ساعة
على احد المقاعد…….عاد بعيناه اليها وهو يسألها
بغيرة…..
“مين ابراهيم ده انتي تعرفيه….”
حاولت اللعب قليلاً بنار فقالت بخبث انثوي….
“لا…….يعني هو جار سمر……..بس هو جدع وكويس اوي وابن حلال جداً…… ”
همهم بحنق منها واحتدت نظراته وهو يقول بغيرة…….
“واضح انك تعرفيه كويس……”
نظرت نحو ابراهيم ثم اليه بعبث….
“تقريباً من كلام سمر عنه…….. مالك بتبصلي كدا ليه….” نظرت اليه ببراءة اغاظته مما جعل نظراته تزداد حدة وهو يقول بنبرة مهيبة…..
“انتي عارفه ببصلك ليه…..”
وضعت يدها على فمها وهي تكتم ضحكاتها
الماكرة قائلة…..
“خلاص سكت………”
ترك عيناها البنية ونظر خلفها حيثُ القاتل المتسلسل الذي دخل غرفة سمر للتو……..
…………………………………………………………….
وضع الاكياس على الطاولة وسمع صوت زينب تقول
له بحرج……
“مكنش لي داعي يابني تتعب نفسك التعب دا كله…كلفناك على الفاضي……..”
استدار اليها ابراهيم والقى نظرة على سمر النائم على الفراش والتي تتحدث مع حبيبة وعيناها
تختلس النظر اليه من تحت رموشها الكثيفة السوداء…….رد ابراهيم على والدتها….
“مفيش تعب ولا حاجة يامي….احنا جيران……”
ربتت زينب على كتفه بامتنان ممزوج بالحرج….
“كتر خيرك يابني…..ربنا يبارك لنوال فيك…ويكتر
من أمثالك……….”

 

 

أومأ لها ابراهيم بصمت واخذ كيس من ضمن الاكياس به بعض العصائر ومياة شرب
صحية……اقترب من فراشها وبيده الكيس وحينما
وصل لعندها وضع الكيس بجوارها على حافة الفراش ، قائلاً بنبرة خشنة رغم خفوتها وبوجها
حاد الملامح رغم حنان عيناه التي مزالت تلمع كلما نظرت إليها وطال النظر لعينيها يزيد البريق
ويشتعل الفؤاد بوجدانه……
“الحاجات دي عشانك……اشربي العصير دا وكُلِ عشان تعوضي الدم اللي نزل منك…….”
خفقة مجنونه اصابت قلبها وهي تنظر اليه في نومتها بتعب و….وشوق لو بيداها لطلبت منه الان ان يضمها الى صدره ان ياخذها من هذا المكان ويسجنها داخل اضلوعه….لو بيداها لصرخة عليه بان يتوقف عن تلك المعاملة الغبية والاجابة السخيفه جيران !……كلما سأله احدهم عن سر اهتمامه ووجوده يخبره انهم جيران….لسنا جيران بل
حبيبان الم تخبرهم ان الحب باقٍ مهم انكرنا وجوده…
هل ستنكر وانت تقف امامي هكذا ساكن وعيناك تحكي ما يعجز اللسان عن قوله…..اصرخ واخبرني
انك تخشى البُعد وان الموت كان قريب مني ومنك
ان رحلت عنك……أصرخ واخبرني ان الحب باقٍ
مهم اشتد الخصام والبعد بيننا ، باقٍ يابراهيم
باقٍ ياحبيب قلبي……
وقتا كبير من النظرات المتبادلة بينهما، وقتاً طويلاً
ولسان عاجز والعين تحكي بطلاقة عن ما يجول بخاطرهم……..
فاق من شروده وابتعد عن سوداوين عينيها الجميلة
وهو يسمع الباب يفتح ويغلق مجدداً وقد ظهرت حنين منه التي تقدمت منهما وهي تبتسم بحرج لتقف بجوار حبيبة التي كانت تتابع نظراتهم
بصمت وهيام وحزن كذلك عليهما ولم تكن حنين أقل منها تاثراً خصوصاً بانها على علم بحكاية فراقهما والظلم اللذين تعرضوا له باسم الحب…….
تنحنح ابراهيم بحرج وهو ينظر لحبيبة قائلاً….
“يلا ياحبيبة…. كفاية كده……. اتاخرنا…..”
نظرت حبيبة بطرف عينيها على أحمد الواقف
بعيداً عنها قليلاً……
“خلينا شويه يا ابيه…. انا ملحقتش اطمن على سمر…”

 

 

ابتسم أحمد واسبل عيناه وهو يتحل بصمت في حضرة ابراهيم حتى لا يشك في امرهم…..
رفض ابراهيم بهدوء وهو يلقي نظرة على سمر…
“اكيد هنيجي نطمن عليها تاني…. بس دلوقتي انا مش فاضي عندي مشوار مهم…..”
نظرت له سمر بحنق به لمحة من الفضول والغيرة كذلك……. قالت سمر باندفاع شرس……
“تنوره….. روحي مع ياحبيبة…. عشان شكله متعطل اوي……..”
لم يرد عليها بل استدار للباب وهو يقول لابنة عمه بأمر……
“يلا ياحبيبة هستناكي برا….” ثم القى نظر على عارف الجالس على المقعد ووجه له الحديث…
“الف سلامه على سمر ياعم عارف…..ربنا يقومها ليكم بسلامه…. ”
رد عارف من باب الذوق….
“تسلم يابراهيم يابني وتشكر تعبناك معانا…..”
رد باختصار وهو يفتح الباب…..
“ولا تعب ولا حاجة احنا جيران…..”
خرج من الغرفة وتركها تستشيط من خلف تبريره المغيظ لاعصابها…….
حملت حبيبة حقيبتها وهي تتجه لسمر وتقبلها وهي تقول بابتسامة معتذرة…..
“الف سلامه عليكي ياسمر…. انا هجيلك بكرة ان شاء الله خدي بالك من نفسك……”
ودعتها سمر بإبتسامة فاترة من باب الذوق….
خرجت حبيبة بعد ان سلمت على زينب وعارف وتمنت الشفاء العاجل لسمر ثم قبل ان تغلق الباب القت نظرة اخيره على أحمد الذي ودعها بإبتسامة
حانيه عميقة لمن أحبها ويتمنى قربها يوماً بعد يوم…..
جلست حنين بجوار سمر على حافة الفراش وهي تسالها بغرابة من وجهها الممتقع المشدود
بانفعال……سالتها حنين بهمس حريص….
“مالك ياسمر…. هو قالك حاجة ضيقتك…..”
زفرة سمر بكبت وهي ترد عليها بنفس
الهمس وعيناها معلقة على سقف
الغرفة…
“هو بينطق أصلا ياحنين……..انا تعبانه وعايزه انام……. “اغمضت سمر عينيها بتعب وهي تشعر
ببراكين تكاد تنفجر بداخلها من هول برودة اعصابة واختصار حديثه معها…..وهي التي كانت تظن انهُ
سيقف بجوارها حتى تتخطى تلك المحنة…..
سحبت حنين الغطاء عليها اكثر وهي تربت
على كتفها بحنان…..
“نامي ياحبيبتي ورتاحي ونسي كل حاجة…..”
………………………………………………………….

 

 

كانت يدها تمسك بعجلة القيادة والاخرى ترفع بها الهاتف على اذنها قائلة بصوتها الاذاعي الناعم….
“لا انا على طريق(…..) كُنت بجيب شوية حاجات
وجايه….هو علي كويس……”
رد خالد من عبر الهاتف وهو يقف امام المرآة يرتدي
سترة الحلة ويهندم اياها وهو يرد عبر سماعة البلوتوث…….
“علي كويس يا اية…. هو تحت مع جدو ودادة معاه متقلقيش……… المهم خدي بالك من نفسك وسوقي على مهلك……..”
هزت راسها بايجاب وهي تقول بهدوء….
“تمام…. انت رايح الشغل صح……”
رد على مضض….
“آآه عندي اجتماع مهم في شركة وعز طبعاً خلع منه
ودبسني……”
ابتسمت آية وهي تساله باهتمام…..
“لسه انت وعز برضو مش متفقين……..”
لوى شفتيه باستهجان قائلاً بوجوم……
“من يومنا واحنا مش متفقين على حاجة…متشغليش بالك……”خفت نبرته قليلاً فقال بصوتٍ أجش
” المهم يايويو وحشتيني…. ”
تنحنحت بحرج وشعرت بتيبس جسدها وتحشرج صوتها……لاحت بسمة ماكرة على شفتي خالد
وهو يسألها ببراءة….
“لسه برضو بتفكري……..تقريباً عدى شهر على اخر مرة اتكلمنا فيها…….”
ردت وهي تنظر امامها
بحنق……
“آآه لسه………….اديني وقتي…….”
حاول التأثير عليها بابتزاز عاطفي لعين…….
“انتي عارفه اني معنديش صبر لكل ده… حني
عليا يا يويو………. دا انا ابو ابنك برضو……”
توترت قليلاً وهي تنهي الحوار…
“خالد……..انا هقفل عشان…..” توسعت عينيها وهي تجد السيارة تتعطل وتقف في نصف الطريق السريع….. “لا……..اي دا بقا……”
عقد خالد حاجبيه وهو يسالها عبر الهاتف….
“مالك في اي…….”

 

 

“العربية عطلت…….اي اليوم دا بس يا ربي……”
فتحت باب السيارة واغلقته بقوة وهي تتجه لمقدمة
السيارة وتفتح الصندوق خرج الدخان بكثرة على وجهها مما جعلها تسعل وهي معه على الخط…
حدثها بقلق وهو ينزل على السلالم…..
“في اي يا اية ردي عليا بتكحي ليه……”
اتى صوتها الباكي الممزوج بالحسرة والحنق…..
“العربية عطلت………..”سعلت بقوة ثم قالت
بعدها……
“وبطلع دخان كمان…….”
هتف بقلق وهو يستلقي سيارته…..
“ابعدي عن الدخان…وقفي في حته في هوا…..عشان
الحكه دي….انتي فين دلوقتي على نفس الطريق……”
ردت بتشنج……
“آآه…….بس انا هاخد تاكسي وهبعت السواق بمكانيكي يصلحها……..انا مبحبش حاجتي تبوظ بشكل ده بتعصب…..”دبت الارض بقدميها وهي
تنظر للسيارة بحسرة……
ابتسم عليها فهو يعلم ان اشياءها الخاصة غاليه عليها بطريقة تكاد تكون جنونيه……
” خلاص اهدي وخليكي مكانك انا جاي اخدك….. ”
ردت باقتضاب وعيناها مثبته على
السيارة….
“لا خليك انا هوقف تاكسي……”
رد بتصميم حاني…..
“قولت خليكي مكانك يايويو شوي وجاي…..”
بعد مدة من الإنتظار خرج من سيارته عند سيارتها
المعطلة والتي كانت تقف جوارها تراقب وقفتها
بحسرة وحنق………
صف خالد سيارته وتقدم منها بلهفة قائلاً….
“انت كويسه يا آية…..”
هزت راسها بتأكيد وهي توزع نظراتها على عيناه الخضراء ثم السيارة المدخنة…..
“كويسه ياخالد…… بس العربية……”
قاوم الإبتسامة بقوة ولكنها خرجت باستسلام وهو ينظر لها باستخفاف….. لكزته اية في صدره وهي
تضم شفتيها بحزن…..
“بتضحك على اي هو انا ناقصه……..”
ازدادت الابتسامة وكشفت عن أسنانه وهو
يخبرها بحب……
“والله مافي حد في الدنيا دي هيجبلي الشلل غيرك…….. اي يعني العربية عطلت تصلح ولو مصلحتش اجبلك واحده جديدة اي فيها يا
يويو…….”
عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تزم شفتيها
قائلة بترفع انثوي جميل……

 

 

“مين قال اني عايزه واحده جديده…. انا بحب العربية دي…. دي اول حاجة جبتها من حر مالي….”
خطٍ من الحزن داهم عيناه الخضراء وهو يقول…
“حر مالك !….. وانا وانتي اي يعني ما فلوسي
هي فلوسك………”
نظرت لعيناه لبرهة وها قد ذأبت الحسرة على السيارة المعطلة وحل محلها الاشتياق وخفقات
القلب في حضرة وجوده…… مهم ابتعدت عنه
ومهم كان ماضيها وجرحها معه يظل صاحب
العيون الخضراء له تأثير قوي عليها يجمدها
ويربكها ، وتسقى وتشقى في حضرة
معاليه……..
تنهدت بعذاب وهي تبعد عيناها بقوة عنه محاولة
السيطرة على نفسها وخفقات قلبها….. فهو كان
وسيم اليوم عن اي يوم سابق بالحلة العملية المجسمة عليه وكانه صُنعت خصيصاً له كي يجذب
الانظار ويفتن قلوب العذارى في الحب…… هل يذهب
كل يوم بهذا الشكل للشركة… هل تراه الكثيرات ويتغازلن به أيضاً ؟!………
عضت على شفتها وهي تنظر له بهيام وشوق….
سالها خالد بغرابة من نظراتها عليه…
“مالك يا اية بتبصيلي كدا ليه…..”
انتبهت الى ما تفعله فتركت شفتها واستقامت اكثر في وقفتها وهي تقول……
“لا ولا حاجة…. مش هتوصلني بقا ولا اي…..”
اوما لها وهو يتجه لسيارته ويفتح لها الباب
قائلا بتملق…
“تعالي طيب ادخلي…… وانا هكلم السواق يجر
العربية لاقرب مكانيكي هنا….. كده راضيه ولا اصلحهالك بنفسي…..”
استلقت السيارة بجوار مقعد القيادة وهو لحق
بها فقالت ساخرة وهي تضيق عيناها…..
“على اساس انك هتعرف تصلحها يعني……”
أدار محرك سيارته وهو يقول ببحة خاصة….
“عشانك اعمل اي حاجة…… بس تحني علينا…..”
طصنعة الغباء وسألت…..
“احن عليك بايه ؟…..”
القى عليها نظرة فاترة وهو يعود للطريق
واجاب ببساطه…..
“انتي عارفه ومع ذلك هستنا……”
نظرت للنافذة جوارها وهي تقول
بجمود….
“على كده هتستنا كتير…….”
اخرج تنهيدة ثقيلة وهو يقول…..
“عندي استعداد استناكي العمر كله…..بس اكون واثق انك رجعه في الآخر……”
ردت بتيه وعسليتاها على النافذة تسابق

 

 

الطريق……..
“على حسب ياخالد…….على حسب….”
القى عليها نظرة يأس ثم عاد للطريق مجدداً صدح
هاتفه فرفع الهاتف وهو يقول….
“تمام يا رشا اجلي الاجتماع نص ساعه كمان… انا شويه وجاي……. تمام…..” اغلق الخط وسمع اية
تقول باعتذار…..
“شكلي عطلتك انا اسفه بس انت اللي اصريت انك تيجي انا كان ممكن اخد تاكسي…….”
رد بنبرة رخيمة بها من العاطفة والاهتمام انهار
تروي قلبها…..
“وتقتكري لو كنتي روحتي بتاكسي وانا روحت الاجتماع كنت هعرف اركز…. كده احسن اوصلك
البيت وطلع على الشغل محصلش حاجة…..”
ترددت آية قليلاً قبل ان تساله….
“هو انت هتتأخر النهاردة في الشغل…..”
القى عليها نظر عابثة ثم عاد للطريق
واجابها…
“لو هتستنيني ومش هتروحي انا مستعد اخلص الاجتماع واجي علطول……”
“وان مشيت…..” حركت حدقتيها نحوه بفضول…
ضرب على العجلة برفق وهو يقول باسى….
“خسارة…. هكمل اليوم في الشغل زي كل
يوم…….” صمت قليلاً ثم سالها وعيناه عادت اليها
كي تطوف على وجهها الجميل الفاتن…
“هتستنيني يا يويو………ولا هتمشي… ”
تنهدت بقوة وهي تحاول السيطرة على خفقاته المجنونة وهي تخبره….
“هستناك……….بس اوعى تتأخر……”
هز راسه بطاعه رقص قلبها فرح بعدها وهو
يقول……
“مش هتأخر هخلص الاجتماع واجي علطول….بس اي المكافأة بتاعتي لو متاخرتش….. ”
نظرت اليه لبرهةٍ ثم قالت ببراءة….
“ممكن كيك بشوكلاته……..اي رأيك……”
رد وهو يحاول الا ينظر لعينيها……
“انا فعلاً عايز احلي بس اكيد مش بكيك شوكلاته…..”
سالته باستغراب وهي تنظر اليه
بجدية…
“امال عايزني اعملك إيه…..”

 

 

ادار راسه اليها ونظر لشفتيها الشهية لبرهة ثم قاوم هذا الشيطان وهو يبعد عيناه عنها ويطرق على عجلة القيادة باصابعه بنفاذ صبر محاول السيطرة على هذ الالحاح المتهور….
“ولا حاجة……كيك بشوكلاته كفاية…..كفاية انها
هتبقى من ايد يايويو…….”
عقدت اية حاجبيها ونظرت امامها ولم تعقب فهي لا تفهم سر عبوسه هذا……..
عض خالد على شفته محاول كبح تلك الرغبة وهو ينتبه اكثر للطريق ……..
اصعب أنواع الحرمان حينما تحرم على نفسك شيءٍ كان حلالاً ابدياً لك وحينما تلاشى حلاله
اشتقت إليه وندمت على حرمان نفسك
منه سابقا !…….
أتت رسالة على الوتساب لاية فتحت إياها بحرص
وتردد فوجدت محتواها كالاتي…
(طب من غير للف ودوران انا بحبك يا آية وعايز اتجوزك…….)
اغلقت آية الهاتف سريعاً وهي تحاول ترتيب انفاسها وتجاوز صدمة طلبه………
نظرت لخالد مجدداً فوجدته شارداً عنها في القيادة
عادت للنافذة بحزن وحيرة وهي تفكر للمرة المليون
هل تنساق خلف قلبها وتلقي كرامتها في أقرب
سلة قمامة وتعود لخالد وتسامح في حقها……. ام تحافظ على كبرياءها وتكمل حياتها مع من يتمنى
لها الرضا كي ترضى عنه ولو حتى بنظرة……..
وهل عندك الشجاعه لقتل قلبك حياً…..هل عندك
الشجاعة يا آية ؟!…..
…………………………………………………………….
بعد مرور أسبوعين استعادة سمر بعضاً من صحتها
لكنها مزالت ماكثه في المشفى بأمر من الأطباء…
مدت حنين معلقة من الحساء الى سمر وهي
تقول بحنق من صديقتها….
“يابنتي كلي…….. مكانش طبق شوربة ده……”
ابعدت سمر المعلقة برفق وهي تقول بامتناع….
“واللهِ شبعت ياحنين…… كفاية كده……”
حاولت حنين معها مجدداً…..
“فين بس الطبق زي ماهو ياسمر….طب خدي
المعلقة دي حتى….. ”
مسكت سمر المنديل ومسحت فمها وهي
تقول بوهن…
“قولتلك شبعت لم اجوع هبقا اكل خلاص…..”
سالتها سمر في جلستها على فراش المشفى…
“قوليلي هي امي فين انا صحيت ملقتهاش جمبي…”
ردت حنين عليها وهي تخرج علبة عصير من
المبرد…..
“أمك روحت البيت تجبلك كام غيار كده وتيجي مع اني قولتلها اجبلك من عندي ماحنا مقاسنا واحد بس هي مرضتش……” مدت حنين علبة العصير لسمر وهي تقول برفق…..
“خدي بقا اشربي العصير ده………”

 

 

ابتسمت سمر بجذل قائله بذهول….
“يابنتي انتي حد مسلطك عليا….انتي شغلتك في الحياة تغذي اللي حوليكي……اوعي تكوني بتعملي كده مع جوزك…….”
ضحكت حنين ولمعة عينيها عند ذكر اسمه
واكدت بمرح……
“طبعاً دا بينزل الچيم كل يوم بسببي…”
زادت ابتسامة سمر فرح لأجلها وقالت بود…..
“ربنا يسعدك ياحنين…….شكلك بتحبيه ومن كلامك عنه شكله هو كمان بيحبك……”
اعترفت حنين ببساطة وهي تعود وتجلس بالقرب
من سمر…….
“لو عليا انا فأكيد بحبه…بس هو مش عارفه اذا فعلاً
بيحبني ولا هي دي معاملته مع اي واحده اتجوزها….”
عقدت سمر حاجبيها وهي تسالها بحيرة…..
“انا ملاحظة انك بتجيبي سيرة جوزاته اكتر من سيرته هو شخصياً اي الحكاية…..بتغيري عليه؟…”
زفرة حنين بكبت وهي تقول بلوعة……
“بغير بس……..دا انا بموت من الغيرة عليه….كل مابتخيل انه لمس واحده غيري واحده إيه
قصدي اربعه غيري ببقا هين عليا اولع فيه….”
فغرت سمر شفتيها وسألتها…..
“لدرجادي؟!….”
شعرت حنين بشيءً يشتعل بصدرها وهي تخبرها بقلبا ملتاع…….
“واكتر ياسمر….احساس وحش اوي انك متكونيش الاولى في حياة جوزك……وانك تكوني مجرد رقم وسلام……….”
اندفعت سمر بالحديث قائلة……
“متقوليش على نفسك كده انتي برقبة اي واحده قبلها……”
ابتسمت حنين بحزن ولمعة عينيها بعطف وامتنان لصديقتها وقالت….
“بتقولي كده بس عشان انا صاحبتك….بس اكيد الاربعة اللي قبلي كانوا احلى مني بكتير……”
قالت سمر بعتاب وهي ترفع من معنوياتها
اكثر…..
“من امتى واحنا بنقارن نفسنا بحد كل واحده ربنا مميزها بحاجة….وانتي مش وحشه ياحبيبتي انتي قمر……”مدت سمر يدها وربتت على يد حنين بمنتهى الحنان ، ودفء الصداقة الصادقة…….
تلاقت عينا حنين بصديقتها وتبادلا نفس الإبتسامة
الودودة والممتنه لوجود كل واحده منهن في حياة الاخرى……..
طُرق الباب في تلك اللحظة وسمحت حنين بتهذيب للطارق بدخول وبالفعل دخل رجلا وسيم فارع الطول يبدو عليه الوقار……قال بعملية وهو يوزع نظراته بينهما بتساوي…..
“سلام عليكم……..مين فيكم حرم ماهر المحمدي….”
قالت سمر بتوجس وعيناها تبصر الرجل

 

 

بتردد…
“انا……….مين حضرتك…….”
عرف الرجل عن نفسه…..
“مدحت الشايب…..محامي شاكر المحمدي اخو المرحوم ماهر المحمدي…….انتي سمر جمال مش
كده حرم المرحوم ماهر المحمدي…. ”
أومأت له سمر وهي تشير له على المقعد بأدب….
“ايوا اتا….. اتفضل ياستاذ…… خير……”
فك مدحت زر السترة وجلس بشموخ وهو يخرج ورقه صغيرة من حقيبته السوداء……
“اتفضلي يامدام……….حقك في ميراث جوزك…..”
اخذت منه حنين الشيك ووضعته في يد سمر التي نظرت اليه بعيون جامدة برغم من الرقم المضاف
إليها والذي كان رقم كبير بنسبة لها……..عادت
سمر بعينيها الصلبة اليه بهدوء وحذر……
“ميراث !…….بسرعه دي اتوزع الورث….تقريباً مفتش اسبوعين على موت ماهر…….”
رد عليها المحامي بجفاء عملي…..
“اي اللي هيخلينا نستنا……الحي ابقى من الميت يامدام…… وان وزعنا دلوقتي ولا بعدين مش هتفرق مش هترجع المرحوم من الموت يعني….خير البر عاجله……. ”
نفذ صبر حنين فقالت تحت اسنانها بغيظ….
“بس كان المفروض تستنوها لم تخف وتخرج من المستشفى….وتقعد معاكم وتشوف تركة المرحوم
عشان تعرف اللي ليها ولي عليها يامتر…..مش دا حقها برضو….”
رد مدحت ببرود وتعالي…..
“حقها في الشيك اللي كتبه شاكر بيه ليها واظن ان دا حقها واكتر كمان…….وماهر بيه ملوش ورثه غير
اخوه وولاد أخوه….لا عند ابن ولا غيره…..والمدام سمر مكملتش في الجوازة دي غير شهر واحد يعني ملحقتش تجيب وريث للمرحوم……ولا المدام حامل ومخبيه علينا………….”
هتفت سمر سريعاً وهي تشعر بنفور من
مجرد توقع على السان !….
“لا مش حامل طبعاً…….”
اوما الرجل بعد ان استرخت اعصابة قليلاً…..
“تمام…..اسمع رأي حضرتك في المبلغ اللي وصلك موافقة بيه ولا رفضاه عشان بس ارجع لشاكر بيه
وهو يتصرف……”وكان كلماته بها بعضا من التهديد
جعلتها تجفل للحظات ثم قالت بعدها
بحنق منه وهي تشير بيدها على الباب….
“تمام يامتر…….. وصل سلامي لشاكر بيه شرفة…..”
أحمر وجه الرجل بحرج ولكنه نهض من مكانه واغلق الباب بعد ان انهى مهمة استلامها ميراثها
الذي كان اقل بكثير من حقها الشرعي في ثروة
ماهر الكبيرة…….
اتجهت اليها حنين بانفعال….
“ازاي تقبلي بالمبلغ ده……انتي حقك اكتر من كده بكتير……”
ردت سمر بوهن وعينيها شاردة في رقم المضاف
في الورقة……
“مش مهم ياحنين…..كمان المبلغ مش شويه…..الرقم
كويس اوي………مش بطال……”
جلست حنين بجوارها وقالت

 

 

بضجر…
“يعني هتسبيهم ياكلوا حقك……”
اجابتها سمر باستهانه…..
“آآه هسبهم….اي حاجة من ناحية ماهر هسبها… حتى لو مكنوش ادوني حاجة انا مكنتش هدور أصلا….”
سالتها بغرابة….
“طب لي بس……”
زفرة سمر وهي تقول باستياء……
“عشان انا مش حمل حرب تانيه مع حد…انا
استويت وعايزة ارجع لحياتي وعيش حُرة بقا..”
ثم لوت شفتيها بأسى وهي تتابع هاكمة…
“كفاية اللي حصلي من تحت راسه مش هروح
احارب مع اخوه كمان عشان اخد فلوس من واحد
كان ناوي يخطفني ويرميني في اخر بلاد المسلمين ويعالم كنت هخرج من تحت ايده سليمة ولا ميته……”
جذبتها حنين لاحضانها بقلباً ملتاع…..
“بعد الشر عليكي الحمدلله ان ربنا نجاكي…..”
نزلت دموع سمر وهي تخبرها بكآبة وهي بداخل احضانها……
“انا تعبت ياحنين….ومحتاج هدنه…..هدنه عن على كل حاجة……….هدنة ارجع فيها زي الأول…نفسي
ارجع زي الأول……..”
ابعدتها حنين عن احضانها وهي تمسح دموعها قائلة
بعطف……
“هترجعي ياحبيبتي وهتبقي احسن من الأول……”
اخبرتها سمر بابتسامة مريرة……
“إزاي وهو مش معايا…..”
نظرت اليها حنين بشفقة وقد المها قلبها لاجل صديقة عمرها……قصة ابراهيم وسمر لم تكن
فقط قصة حب بين أثنين تقبلا فاحبا بعضهما
و أرادا الزواج…… بل انها قصة محن ومع كل محنة تجد الحب باقٍ مهم طالت المسافات بينهما وهذا ما رأته حنين خلال تلك الأيام التي قضت أكثرها
بجوار سمر في المشفى…….فرأت حب
ابراهيم وخوفه عليها واهتمامه المبالغ فيه على سمر……
برغم ان إبراهيم لم يدخل لسمر منذ اخر زيارة بينهم
الا انهُ كان يتردد على المكان باستمرار في صباح والمساء يرسل إليهم الطعام والادوية ويطمئن
على حالة سمر من خلال الطبيب المختص بحالتها وكل هذا من بعيد ويحلف حنين التي تتولى الأمر
ان لا تخبرها بوجوده ولا تخبرها بأمر الطعام والأدوية التي تاخذهم منه وتتحجج باي حجة
غير ان يتطرق أسمه في الأمر……….
اعجبت حنين بشهامة ابراهيم ورجولة ابن البلد اذا أحب واوفى في عشقه لمن وهب قلبه بين يداها
تتمنى من كل قلبها ان يجتمعان معاً مجدداً

 

 

وللأبد….
حاولت حنين رسم الابتسامة بصعوبة على محياها
وهي تقول ببعضاً من المرح…..
“كل حاجة هتبقى تمام…..انسي بس وتعالي ننزل نقعد شويه تحت في جنينة………”
قالت سمر بملل وهي تتفقد الغرفة
بقرف….
“جنينة اي ياحنين انا زهقت وعايزة أروح…..”
اخبرتها حنين وهي تنهض وتجذب يدها كي
تنهض معها وتترك فراش المشفى قليلاً……
“الدكتور قال ان احتمال كبير تخرجي بكره فبلاش استعجال وستني لم يشوفك بكرة ويطمن عليكي…….ويلا بينا قومي نشم شوية هوا ريحة المستشفى خنقتني……..”
نهضت معها سمر بتكاسل وكانت ترتدي بنطال قماش من اللون الرمادي واسع جداً من عند الساقين وملتف
على خصرها النحيف بجمال وعليه ارتدت كنزة صفيفة بيضاء واسعه باناقة عليها….كان شعرها
الاسود منساب على ظهرها بنعومة خاليه من اي تموج كان يتميز به سابقاً…….
تأبطت سمر مرفق حنين وسارت معها لخارج الغرفة
حيثُ حديقة المشفى الكبيرة ذات الساحة الخضراء المفعمة بجمال الطبيعة…… اشتمت حنين الهواء النقي ثم علقت برخاء…
“شمه الهوا دا احنا كنا بنشم بنج وادوية الفترة اللي فاتت دي…”
نظرت اليها سمر ثم ابتسمت بفتور وعادت تنظر امامها بشرود حزين……
لكزتها حنين بكتفها وهي تقول بمناغشة…
“ياستي فكي ياخربيت البوز…….في حد يكشر وهو حوليه المياه والخضرة والوجه الحسن…….”اشارة
حنين على وجهها بصلف جميل جعل سمر تكشف
عن اسنانها وهي تبتسم……..لكزتها حنين بمرح…
“ياختي على الضحكة……..ايو كده الشمس
نورت…….”
جلست سمر على احد المقاعد برفقة حنين وبدأ بدردشة قليلاً لكنها توقفت عن التحدث وهي تسمع
صوته القريب منها يخترق الجلسة بدون مقدمات مسبقة……
“سلام عليكم……”
رفعت سمر عينيها بدهشة وخفق قلبها لرؤيته وبرغم غضبها منه وحزنها من ابتعاده كل تلك الفترة إلا انها امام شوقها انهزمت وهي ترد السلام بفتور رغم مشاعرها النابضة بقربه……..
“وعليكم السلام……..”

 

 

نهضت حنين سريعاً وهي ترفع الهاتف على
اذنها واستاذنت بهدوء…..
“طب بعد اذنكم هرد على جوزي……..”
ابتعدت حنين سريعاً ذوقياً كي تترك لهما حرية الحديث معاً………
جلس ابراهيم جوارها على احد المقاعد ونظر لعينيها وهو يسألها عن احولها بهدوء…..
“حمدالله على سلامتك…..شكلك بقيتي احسن بكتير من اخر مرة شوفتك فيها……”
ابعدت عينيها عنه بصعوبة وهي تبرم شفتيها
بحزن قائلة بعتاب……
“لسه فاكر تسأل……….كتر خيرك…….”
حك ابراهيم في انفه بحرج وهو يخبرها ببساطة
جرحت قلبها…
“كُنت مشغول شوية….وتقريبا نسيت وانشغلت اكتر……”
لمعة عينيها السوداوين حزناً وهي تسالها
بمرارة….
“نسيت !….. واي بقا اللي خلاكي تفتكرني…….”
اجابها بخشونة فاترة وهو يتمتع بنظر الى
وجهها الجميل بعينين صلبتين…….
“مهما نسينا بيجي وقت وبنفتكر…..”
هزت راسها بوجوم وحاولت تنظيم انفاسها المتشنجة اكثر وكذلك تحمل خفقات قلبها
المؤلمة من واقع كلماته القاسية…..
“آآه بنفتكر…………تمام شكراً على السؤال……”
تنهد وهو يشيح راسه عنها كذلك وينظر للامام
قائلا…
“الدكتور بيقول ان احتمال كبير تخرجي بكرة….”
اومات له بسأم…
“اه…….. بيقولوا….”
سالها ابراهيم بصوتٍ اجوف متراقب بعيناه
القاتمة الاجابة…..
“هتروحي على الحارة ولا على فيلا جوزك….”
نظرت الى جمود ملامحه وعيناه الحادة فقالت
بنبرة خافته مفعمة بتشنج……..
“لا على الحارة…….لكن لو وجودي هيضايقك انا
ممكن اخد شقة برا……”
نظر ابراهيم لها بعصبية وقال بنبرة حانقة……
“اي العبط ده وجودك لي هيضايقني….هتقعدي على راسي مثلا………روحي بيتك وقعدي وسط اهلك
عشان يراعوكي وياخده بالهم منك…..”
ردت سمر هاكمة ونظراتها تنبض بالانفعال
الانثوي الجذاب لعيناه التي تراقبها بجمود…….
“ايوا مين هياخد باله مني غيرهم…….خلينا معاهم لحسان ينسوني زي ناس……….مانا بقيت بتنسي بسرعة………”
ضرب ابراهيم على ركبته بضيق وهو يبعد
عيناه عنها……
“لا اله إلا الله……. متستفزنيش يا سمر……”
برقة عينيها بالغضب وهي ترمقه
بدهشة……قائلة…..
“مين بيستفز مين يابن راضي………”

 

 

عاد لعينيها وتأمل نظراتها وانفعالها للحظات ثم اخبرها بدون مقدمات بقسوة توازن قساوة
الايام في بُعده……
“مبقاش ينفع………….وانتي عارفه ليه……”
رغم تألم قلبها إلا انها بمنتهى الشموخ ابعدت
راسها عنه وهي تخبره بترفع قاسي…..
“بتكلم على اساس اني هموت عليك يعني….انا
كمان شايفه ان مبقاش ينفع……مبقاش ينفع اي
حاجة…. ”
هدر ابراهيم من بين أسنانه بقلة صبر رغم رغبته الغير ادميه في لكم انفها المرفوع الان امامه بترفع
حلو !….. كحلاوة شفتيها الشهية وهي تحركهما ببطء متعب للاعصاب……
“لا مش هتموتي عليا…..وقولتهالك قبل كده مفيش حد بيموت عشان حد ياسمر………”
صمتت قليلاً ثم قالت بدون مقدمات….
“مبروك على المشروع……..”
عقد حاجبيه بغرابة ثم سريعاً فك العقدة وهو
يترجم جملتها وعقب هازئاً…..
“هي حبيبة لحقت بلغتك بدي كمان…….”
زمت شفتيها وهي تنظر له بنفس الانفعال…..
“الموضوع جاب بعضو….شكلك مكنتش عايزني اعرف……..”
قال بالامبالاة ازعجتها جداً……
“ليه كده كده كنتي هتعرفي مفيش حاجة بتستخبى…”
قالت بانزعاج….
“آآه كنت هعرف زي الغريب”بللت شفتيها امام عيناه وهي تضيف بهدوء خرج بمعجزة….” على العموم
مبروك يارب يكون فتحت خير ليك……”
اوما لها بصمت وهو ينظر امامه بوجوم…….ثم بعد برهة من الصمت الكئيب بينهما……
“بكرة ان شاء الله هأجر عربية واجي اخدك انتي واهلك بيها عشان اروحك على الحارة……”
سالته باهتمام وعيناها عليه….
“ليه فين المكنة بتاعتك…….”
لوى ابراهيم شفتيه بمرارة ساخرة
وعقب….
“مبقتش قد المقام مش معقول هاخدك بيها…..”
قالت بعفوية نابعه من قلبها….
“اوعى تبعها في يوم يا ابراهيم……”
رد وعيناه تبحر في عينيها بعذاب…..

 

 

“انا عمري ما بيع الغالي عليا انا بشتري بس….
لكن ابيع لا…………..”
لم تهرب من عيناه بل علقت على جملته
بوجع…..
“إلا حاجة واحده ا…..”
قاطعها وعيناه معلقة بعيناها اكثر بقوة متعبه
لكلايهما برغم ان حديثهما قمة في التحضر…….
“لا هي اللي باعتني…….وفتكرت انها بتشتريني لم تركني على جمب وتمشي……..”تنهد بكبت وهو يقاوم
شعوره في ضمها الى صدره فأمام عينيها يعجز عجز مؤلم لكبرياءه………
نظر امامه وهو يخبرها بنبرة باهته……
“متفتحيش في القديم يابنت الناس…ونسي زي
مانا ما بحاول انسى……….انسي… “نهض من
مكانه وهو يضيف بخشونة……
“هاجي الصبح من النجمه عشان اوصلك…متخلنيش
استنا كتير عشان مش فاضي…….”
رفعت راسها اليه وهي تقول باقتضاب….
“بلاش تعطل نفسك……. احمد هيطلب اوبر…..”
أكد بحزم عليها…..
“الصبح هبقا عندك………سلام…….”
تركها وابتعد فشعرت ان قلبها انتزع من مكانه
ورحل خلفه……….
…………………………………………………………..
في اليوم التالي انتظرها امام المشفى بسيارة أجرة
كان يقودها بنفسه بعد ان اجرها من احد الأصدقاء
خرجت سمر برفقة حنين ووالدتها وخالها عارف
باستثناء أحمد الذي كان لديه محاضرات هامة
صباح اليوم ولم يقدر على المجيء……
سلمت زينب على إبراهيم وهي تقول بحرج….
“تعب نفسك ليه يابراهيم معانا….. أحمد كان هيطلبلنا عربية توصلنا لحد البيت……”
هتفت حنين باستياء منهم…. وهي تشير على
سيارتها التي تقف خلف سيارة إبراهيم…….
“عربية اي بس ياخالتي مالعربية موجوده اهيه بسواق كمان…… انتوا اللي دماغكم ناشفه….” رمقت حنين سيارة إبراهيم الصغيرة قليلاً…. ثم قالت بتحفظ حتى لا تحرج إبراهيم…..
“اي رايك ياخالتي انتي وخالي عارف تركبوا عربيتي وتاخدوا الشنط دي معاكم بالمرة….. عشان بس سمر تقعد براحته…….”
امتنع إبراهيم بوجوم…..
“ملهاش لازمه الشحطته دي…… اركبوا كلكم في العربية…….”
صممت حنين وهي تجذب زينب للسيارة الفارهة…
“اسمعي مني ياخالتي عشان تقعدي مرتاحه
ومتقلقيش على سمر انا هركب معاها….”
استسلمت زينب اليها واستلقت مقعد السيارة من الخلف وعارف في الإمام وقد وضع السائق الحقائب
في صندوق السيارة من الخلف انطلقت السيارة خلف
سيارة إبراهيم والذي بداخلها جلست سمر في
الخلف وحنين بجوار إبراهيم……..

 

 

طوال الطريق كانت عيناه على المرآة الامامية يلاحقها بعيناه بوتيرة ثابته طوال الطريق…..
تنحنحت حنين وهي تقطع وصلت النظرات تلك وهي تحدث إبراهيم بهدوء لا يخلو من الحرج……
“هو صحيح يابراهيم انت سواق تريله……”
أومأ له وهو يلقي عليها نظرة عابرة…..
تحدثت حنين بتعجب….
“بجد… انا دايما بشوف التريله دي حاجه ضخمه كده ومرعبة…… ازاي كنت بتسوقها…..”
عاد ليراقب سمر بصمت والتي حاولت الهروب من عيناه وتجاهلة إياه وهي تطلع في نافذة جوارها…..
“عادي زيها زي اي عربية الموضوع مش صعب بس عايز تعود……..”
شعر إبراهيم بالحنق من تلك الحركة فنظر لحنين وسالها بفتور……
“انتوا صحاب من زمان……”
نظر لحنين ثم اشار بعيناه على سمر في الخلف… ابتسمت حنين بعمق وهي تأكد بمودة…..
“من واحنا عيال صغيرين….. سمر دي مش صاحبتي دي أختي……وامها هي امي…….وخالها واخوها دول اهلي زيها تمام…… احنا عشرة سنين…. ” اضافة
حنين بطيبة وحزن…..
“عارف عمي جمال ابوها كان زيها كده تمام…. اللي في ايده مش ليه… بيحب الكل وبيعطف على الكل وجدع مع اي حد…… ”
سالها إبراهيم بعبث طفيف وعيناه لا تبرح البهية
الجالسة بصمت خلفه…….
“وشبح مع الكل برضو ؟…….”
رفعت سمر عيناها السوداء عليه لبرهة ولكنها رات تلك المناكفة الصبيانية فابعدت عينيها عنه بضيق
وعتاب……
فهمت حنين قصده فقالت بخبث بين ضحكة جميلة
لو سمعها العاشق لكان اتى وصفعها كي لا توزع الضحكات والابتسامات أمام رجل غيره……..
“لا كان طيب……وبعدين مفيش غير شبح واحد في حياتنا صعب يكون في اتنين…… مش كده سمر ولا انتي رايك إيه…….” غمزة لها حنين عبر المرآة
رسمت سمر الإبتسامة بصعوبة على محياها
وهي تنظر لابراهيم الذي بادلها النظرة بعينين قاسيتين حادتين غير مفهومتين ……
بعد مدة وصلا للحي اوقف إبراهيم السيارة وخلفه وقفت سيارة حنين الخاصة……
نظر ابراهيم عبر المرآة لسمر وخصها بتلك
الجملة بهدوء مفعم بالدفء والراحة الغريبة…..
“حمدلله على السلامة ياسمر….. الشارع نور من تاني………”
لمعة عينيها وشعرت انها على وشك البكاء وهي تتذكر اخر مرة تركت بها الحي والقاء المؤلم او الوداع الحارق لروحها وهي تتركه وتستلقي سيارة ماهر وترحل للأبد…… وظنت انها لن تعود يوماً…
لكن هيهات من معه مفاتيح الحلول غير الله وسبحانه….. مهما ضاقت بك الدنيا ياتي الفرج من حيثُ لا تدري…..
خرجت من السيارة ومعها حنين التي كانت تمسك يدها وتدعمها كي تدخل البنية….رفعت سمر عينيها
على شرف الجيران وعلى الأبواب والمحلات والمارة

 

 

ولاحظت ان معظم من في الشارع ينظر اليها بفضول
البعض يحمل الشفقة والبعض الآخر يحمل الحقد على طاقة القدر التي فُتحت لها بعد موت زوجها……..
ونفس النظرات كانت تلاحق ابراهيم لكن
بطريقة آخر
كاستهانه بما يفعله مع من باعته وتزوجت
غيره…… وكاتهام انهُ هو من حرضها على تلك الزيجة
حتى يكبش معها من ثروة زوجها المتوفي والبعض الآخر أكد انه مسحور ينساق خلفها مغمض العينين…….
ولم يضع احدا في تلك الاحتمالات المريضة ‘ الحب ‘ وكانه وهم خيالياً لا يناسب المنطق الخاص بهم……
صعدت مع والدتها وحنين وظل يتطلع عليها حتى ابتعدت عن عيناه ود لو ذهب خلفها ود لو اطمئن عليها أكثر لكن الأمر أصبح منهي ويجب ان يحفز نفسه على هذا من الان وصاعداً ….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى